حصلت به كل السعادة والمنى
للزائرين وسائر الأغراض
أثر شريف قد بدا في صخرة
من مسها يشفي من الأمراض
انتهى. وبقي هذا المسجد معروفا بمسجد الآثار بعد نقل الآثار النبوية منه إلى قبة الغوري في أوائل القرن العاشر، ثم عرف بجامع أثر النبي، وهي تسمية لم نرها في التاريخ قبل القرن الحادي عشر، والغالب أنه سمي بذلك بعد وضع هذا الحجر فيه، وقد أطلق هذا الاسم أيضا على القرية الملاصقة له، ثم على الشارع الموصل إليه من مصر القديمة الذي أحدث في هذا العصر ممتدا على شاطئ النيل.
الثاني: حجر قايتباي
وهو حجر أسود به أثر قدمين موضوع بجوار قبر السلطان الملك الأشرف أبي النصر قايتباي المحمودي المتوفى في 17 ذي القعدة سنة 901ه، وكان أعد هذا القبر لنفسه في حجرة واسعة ذات قبة شاهقة ملاصقة لمسجده الذي بناه بالصحراء المعروفة الآن بقرافة المجاورين
3 ، ويرى الزائر في ركن من هذه الحجرة قبر ولده السلطان الملك الناصر أبي السعادات محمد، المتولي بعده على المملكة المصرية، والمتوفى مقتولا في 15 ربيع الأول سنة 904ه، وبجواره حجر آخر أسود عليه أثر واحد يزعمون أنه أثر قدم الخليل عليه السلام، والشائع فيهما عند السدنة وسكان تلك الجهة أن السلطان استجلبهما من الحجاز ليوضعا بعد موته بجوار قبره تبركا بهما، وهو شيء لم نره مسطورا في تاريخ
4 ، وإنما يذكره بعض أصحاب الرحلات على ما سمعوه من الأفواه، وذكره أيضا العلامة شهاب الدين الخفاجي في نسيم الرياض شرح شفا القاضي عياض بما نصه: «قيل: إن السلطان قايتباي اشتراه بعشرين ألف دينار وأوصى بجعله عند قبره وهو موجود إلى الآن». قلنا: وإذا لم يصح شراء السلطان لهذين الحجرين أو أحدهما، فلا يبعد أن يكونا من الأحجار التي قيل إنها أحضرت من خيبر لشمس الدين ابن الزمن التاجر الشهير وجعلها بمدرسته التي كان شرع في إنشائها بشاطئ بولاق، وكان يقيم أحيانا بمكة للإشراف على أبنية الأشرف قايتباي بها ثم توفي بها سنة 897، فيحتمل أنه أحضرها معه من الحجاز، ثم اختار السلطان منها هذين الحجرين فنقلهما بعد موته من مدرسته، والله أعلم. وسيأتي الكلام على هذه المدرسة وما كان بها من الآثار في هذا الفصل وفي فصل الشعرات الشريفة.
وقد زار المقري وأبو سالم العياشي هذا الأثر في القرن الحادي عشر وأبو العباس أحمد بن محمد بن ناصر الدرعي في أوائل القرن الثاني عشر، وأبو العباس أحمد الفاسي في أوائل الثالث عشر، فذكروا عدم ثبوت صحته، وأنه يزار بحسن النية فقط، وزاره في أوائل القرن الثاني عشر الشيخ عبد الغني النابلسي، ولكنه لم يعتمد فيه إلا على ما سمعه من الأفواه، وقد ذكره مرتين في رحلته «الحقيقة والحجاز» إحداهما بإسهاب في زيارته الأولى له، والثانية باختصار في زيارته الثانية عند خروجه من القاهرة للحج، فقال في الأولى: «ثم سرنا إلى أن وصلنا إلى جامع السلطان قايتباي، وهو مكان معمور، وبأنواع الخير مغمور، فدخلنا إليه وزرنا قبر السلطان، وعليه قبة عظيمة، ذات جدران محكمة جسيمة، فوقفنا وقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى، وعند رأس القبر قدم النبي
ناپیژندل شوی مخ