الأول: حجر أثر النبي
وهو حجر ضارب إلى الحمرة عليه أثر قدمين، محفوظ في حجرة صغيرة مطلة على النيل وملاصقة للحائط الغربي لمسجد أثر النبي، وعلى هذه الحجرة قبة وفي حائطها الجنوبي محرابان؛ أحدهما لا شيء به، والذي في غربيه به صفة ألصق الحجر عليها وجعل على وجه هذا المحراب رخام منقوش كتب فيه بالنقر سطران بالتركية يفيدان أن إبراهيم باشا مد الله في عمره جدد هذا المقام على رسم القدم، وقد تقدم في كلامنا على رباط الآثار أن إبراهيم باشا الدفتردار المتولي على مصر سنة 1071 جدده ووسعه وبنى تحته رصيفا وأرصد له أرضا وعين به القراء والحراس، ثم نقلنا عن الجبرتي خبر تجديد آخر فيه قام به الخواجة
1
محمود حسن بزرجان باشا سنة 1224 وقلنا: إنه البناء الباقي إلى اليوم على الراجح والذي يظهر أن التجديد الأخير لم يشمل قبة الأثر بدليل هذه الكتابة الباقية على المحراب، إلا أن تكون هذه الرخامة أعيدت إلى مكانها بعد التجديد إبقاء لاسم إبراهيم باشا وتاريخ وضع هذا الحجر بهذا المكان مجهول، فلا يغترن الناظر في الخطط الجديدة التوفيقية لعلي مبارك باشا، بما جاء عنه في كلامه عن قرية (أثر النبي) وزعمه أن الظاهر بيبرس هو الباني للمسجد وللقبة على هذا الأثر، فقد بينا وهمه هذا فيما تقدم، وأن المسجد من بناء الصاحب تاج الدين ابن حنا، وكان يعرف برباط الآثار، ثم تغيرت معالمه مع الزمن بما حدث فيه من التجديد، كما تغير اسمه بجامع أثر النبي، والراجح في هذا الحجر أنه لم يوضع بهذا المسجد إلا في القرون الأخيرة ؛ إذ لو كان من زمن ابن حنا أو ما قرب منه، ما أغفل ذكره مؤرخو تلك العصور، كما لم يغفلوا ذكر ما كان هنا من الآثار، ولم نجد له ذكرا فيما اطلعنا عليه من الرحل إلا في «الحقيقة والمجاز في رحلة الشام ومصر والحجاز» للعلامة عبد الغني النابلسي، وهي في وصف رحلته إلى هذه البقاع الثلاث في أوائل القرن الثاني عشر، وقد زاره باعتقاد وحسن نية، كما فعل بحجر قايتباي، وكانت زيارته له بعد زيارته لمقياس النيل بالروضة، فقال عنه ما نصه: «ثم قمنا من ذلك المكان، وركبنا وسرنا مع الجماعة بالسرور والأمان، إلى أن وصلنا إلى المسجد الذي فيه قدم النبي
صلى الله عليه وسلم ، فدخلنا إليه وصلينا صلاة الظهر بالجماعة، ورأينا ذلك المسجد فدخلنا إلى قبة لطيفة، وبها البهجة والجلال والهيبة لطيفة، وهناك أثر قدم النبي
صلى الله عليه وسلم
في حجر شريف، مرتفع في طاق عال منيف، في الحائط القبلي وعليه الماورد
2
والستر المسبول، وأنواع القبول، وقد عقدت على ذلك المكان قبة سامية البناء، جالبة الهناء، فتبركنا به وحصل لنا كمال الصفاء، وغاية الشوق والوفاء». ثم أنشد فيه لنفسه:
طه الرسول به الفؤاد مولع
ناپیژندل شوی مخ