بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ
فِي الصَّحِيْحِ عَنْ أَبي بَشِيْرٍ الأَنْصَارِيِّ ﵁؛ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ؛ فَأَرْسَلَ رَسُوْلًا أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيْرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ، أَوْ قِلَادَةٌ، إِلَّا قُطعَتْ. (١)
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ ﵁؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ الله ﷺ يَقُوْلُ: (إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. (٢)
(التَّمَائِمُ): شَيْءٌ يُعَلَّقُ عَلَى الأَوْلَادِ مِنَ العَيْنِ، لَكِنْ إِذَا كَانَ المُعلَّقُ مِنَ القُرْآنِ؛ فَرَخَّصَ فِيْهِ بَعْضُ السَّلَفِ، وَبَعْضُهُم لَمْ يُرَخِّصْ فِيْهِ وَيَجْعَلُهُ مِنَ المَنْهيِّ عَنْهُ؛ مِنْهُم ابْنُ مَسْعُوْدٍ ﵁.
وَ(الرُّقَى): هِيَ الَّتِيْ تُسَمَّى العَزَائِمَ، وَخَصَّ مِنْهَا الدَّلِيْلُ مَا خَلَا مِنَ الشِّرْكِ؛ فَقَدْ رَخَّصَ فِيْهِ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ مِنَ العَيْنِ وَالحُمَةِ.
وَ(التِّوَلَة): شَيْءٌ يَصْنَعُوْنَهُ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ المَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا وَالرَّجُلَ إِلَى امْرَأَتِهِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ مَرْفُوْعًا (مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. (٣)
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ رُوَيْفِع؛ قَالَ: قَالَ لِيْ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: (يَا رُوَيْفعُ! لَعَلَّ الحَيَاةَ تَطُوْلُ بِكَ، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيْعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ). (٤)
وَعَنْ سَعِيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ قَالَ: مَنْ قَطَعَ تَمِيْمَةً مِنْ إِنْسَانٍ، كَانَ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ. رَوَاهُ وَكِيْعٌ. (٥)
وَلَهُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُوْنَ التَّمَائِمَ كُلَّهَا مِنَ القُرْآنِ وَغَيْرِ القُرْآنِ. (٦)
فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: تَفْسِيْرُ الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ.
الثَّانِيَةُ: تَفْسِيْرُ التِّوَلَةِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّ هَذِهِ الثَّلِاثَةَ كُلَّهَا مِنَ الشِّرْكِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ.
الرَّابِعَةُ: أَنَّ الرُّقْيَةَ بِالكَلَامِ الحَقِّ مِنَ العَيْنِ وَالحُمَةُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ.
الخَامِسَةُ: أَنَّ التَّمِيْمَةَ إِذَا كَانَتْ مِنَ القُرْآنِ؛ فَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ؛ هَلْ هِيَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
السَّادِسَةُ: أَنَّ تَعْلِيْقَ الأَوْتَارِ عَلَى الدَّوَابِ مِنَ العَيْنِ مِنْ ذَلِكَ.
السَّابِعَةُ: الوَعِيْدُ الشَّدِيْدُ عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ وَتَرًا.
الثَّامِنَةُ: فَضْلُ ثَوَابِ مَنْ قَطَعَ تَمِيْمَةً مِنْ إِنْسَانٍ.
التَّاسِعَةُ: أَنَّ كَلَامَ إِبْرَاهِيْمَ لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ.