At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
ژانرونه
- قَالَ الإمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ ﵀ فِي عَقِيْدَتِهِ المَشْهُوْرَةِ: (وَلَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ مَا لَم يَسْتَحِلَّهُ). (١)
وَقَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ القَيِّمِ ﵀ فِي كِتَابِهِ (الرُّوْحُ) (٢): (وَأَمَّا الحُكْمُ المُبَدَّلُ - وَهُوَ الحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ - فَلَا يَحِلُّ تَنْفِيْذُهُ ولَا العَمَلُ بِهِ ولَا يَسُوغُ اتِّبَاعُهُ، وَصَاحِبُهُ بَيْنَ الكُفْرِ وَالفُسُوْقِ وَالظُلْمِ). (٣)
(١) قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي تَخْرِيْجِ الطَّحَاوِيَّةِ (ص٥٧): (يَعْنِي اسْتِحْلَالًا قَلْبيًّا اعْتِقَادِيًّا، وَإلَّا فَكُلُّ مُذْنِبٍ مُسْتَحِلٌّ لِذَنْبِهِ عَمَلِيًّا، أَيْ: مُرْتَكِبٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّفْرِيْقِ بَيْنَ المُسْتَحِلِّ اعْتِقَادًا - فَهُوَ كَافِرٌ إِجْمَاعًا - وَبَيْنَ المُسْتَحِلِّ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا فَهُوَ مُذْنِبٌ يَسْتَحِقُّ العَذَابَ اللَّائِقَ بِهِ - إِلَّا أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُ - ثُمَّ يُنْجِيْهِ إِيْمَانُهُ، خِلَافًا لِلخَوَارِجِ وَالمُعْتَزِلَةِ الَّذِيْنَ يَحْكُمُوْنَ عَلَيْهِ بِالخُلُوْدِ فِي النَّارِ؛ وَإِنٍ اخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَتِهِ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا).
وَقَالَ أَيْضًا ﵀ فِي رِسَالَتِهِ النَّفِيْسَةِ الوَجِيْزَةِ (فِتْنَةُ التَّكْفِيْرِ) (ص٣٢): (وَفِي قِصَّةِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ الَّذِيْ قَاتَلَ أَحَدَ المُشْرِكِيْنَ؛ فَلَمَّا رَأَى هَذَا المُشْرِكُ أَنَّهُ صَارَ تَحْتَ ضَرْبَةِ سَيْفِ المُسْلِمِ الصَّحَابِيِّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَا بَالَاهَا الصَّحَابِيُّ؛ فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُهُ النَّبِيَّ ﷺ أَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَشَدَّ الإِنْكَارِ، فَاعْتَذَرَ الصَّحَابِيُّ بِأَنَّ المُشْرِكَ مَا قَالَهَا إِلَّا خَوْفًا مِنَ القَتْلِ، وَكَانَ جَوَابُهُ ﷺ: (هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ). أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيْثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ﵁.
إِذًا الكُفْرُ الاعْتِقَادِيُّ لَيْسَ لَهُ عَلَاقَةٌ أَسَاسِيَّةٌ بِمُجَرَّدِ العَمَلِ، إِنَّمَا عَلَاقَتُهُ الكُبْرَى بِالقَلْبِ).
(٢) (الرُّوْحُ) (٢٦٧).
(٣) قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن ﵀ أَيْضًا فِي شَرْحِ نَفْسِ البَابِ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (١٦٠/ ٢): (أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ وَضَعَ قَوَانِيْنَ تَشْرِيْعِيَّةً - مَع عِلْمِهِ بِحُكْمِ اللهِ وَبِمُخَالَفَةِ هَذِهِ القَوَانِيْن لِحُكْمِ اللهِ - فَهَذَا قَد بَدَّلَ الشَّرِيْعَةَ بِهَذِهِ القَوَانِيْن، فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْغَبْ بِهَذَا القَانُوْنِ عَن شَرِيْعَةِ اللهِ إِلَّا وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ خَيْرٌ لِلعِبَادِ وَالبِلَادِ مِنْ شَرِيْعَةِ اللهِ، وَعِنْدَمَا نَقُوْلُ بِأَنَّهُ كَافِرٌ، فَنَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا الفِعْلَ يُوْصِلُ إِلَى الكُفْرِ، وَلَكِنْ قَدْ يَكُوْنُ الوَاضِعُ لَهُ مَعْذُوْرًا؛ مِثْلَ أَنْ يُغَرَّرَ بِهِ كَأَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ الإِسْلَامَ، أَوْ هَذَا مِنَ المَصَالِحِ المُرْسَلَةِ، أَوْ هَذَا مِمَّا رَدَّهُ الإِسْلَامُ إِلَى النَّاسِ، فَيُوْجَدُ بَعْضُ العُلَمَاءِ - وَإِنْ كَانُوا مُخْطِئِيْنَ - يَقُوْلُوْنَ: (إنَّ مَسْأَلَةَ المُعَامَلَاتِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالشَّرْعِ، بَلْ تَرْجِعُ إِلَى مَا يُصْلِحُ الاقْتِصَادَ فِي كُلِّ زَمَانٍ بِحَسْبِهِ، فَإِذَا اقْتَضَى الحَالُ أَنْ نَضَعَ بُنُوكًا لِلرِّبَا أَوْ ضَرَائِبَ عَلَى النَّاسِ، فَهَذَا لَا شَيْءَ فِيْهِ!».
1 / 322