196

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

ژانرونه

- المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ) قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ الطَّائِفَةَ المَنْصُوْرَةَ هُمْ أَهْلُ الحَدِيْثِ، فمَا مَدَى صِحَّةِ هَذَا القَوْلِ؟
الجَوَابُ: فِيْهِ تَفْصِيْلٌ؛ إِنْ أُرِيْدَ بِذَلِكَ أَهْلُ الحَدِيْثِ المُصْطَلَحِ عَلَيْهِ- الَّذِيْنَ يَأْخُذُوْنَ الحَدِيْثَ رِوَايَةً وَدِرَايَةً - وَأُخْرِجَ مِنْهُمُ الفُقَهَاءُ وَعُلَمَاءُ التَّفْسِيْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، لِأَنَّ عُلَمَاءَ التَّفْسِيْرِ وَالفُقَهَاءَ الَّذِيْنَ يَتَحَرَّوْنَ البِنَاءَ عَلَى الدَّلِيْلِ هُمْ فِي الحَقِيْقَةِ مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ، فَلَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الحَدِيْثِ صِنَاعَةً؛ لِأَنَّ العُلُوْمَ الشَّرْعيَّةَ هِيَ تَفْسِيْرٌ، وَحَدِيْثٌ، وَفِقْهٌ ... إِلَخ.
فَالمَقْصُوْدُ إِذًا كُلُّ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُمْ أَهْلُ الحَدِيْثِ بِالمَعْنَى العَامِّ، فَيَشْمَلُ الفُقَهَاءَ الَّذِيْنَ يَتَحَرَّوْنَ العَمَلَ بِالسُّنَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُوْنُوا مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ اصْطِلَاحًا. (١)

(١) قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى (٩٥/ ٤): (وَنَحْنُ لَا نَعْنِي بِأَهْلِ الحَدِيْثِ: المُقْتَصِرِيْنَ عَلَى سَمَاعِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ رِوَايَتِهِ! بَلْ نَعْنِي بِهِمْ: كُلَّ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِحِفْظِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَاتِّبَاعِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَكَذَلِكَ أَهْلُ القُرْآنِ، وَأَدْنَى خَصْلَةٍ فِي هَؤُلَاءِ: مَحَبَّةُ القُرْآنِ وَالحَدِيْثِ وَالبَحْثِ عَنْهُمَا وَعَنْ مَعَانِيْهِمَا وَالعَمَلِ بِمَا عَلِمُوْهُ مِنْ مُوْجِبِهِمَا).
قُلْتُ: وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ أَهْلَ الحَدِيْثِ - المُصْطَلَحِ عَلَيْهِ - يَتَفَرَّدُوْنَ وَيَتَمَيَّزُوْنَ بِكَوْنِهِم أَكْثَرَ النَّاسِ صَلَاةً عَلَيْهِ ﷺ؛ وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يَتَعَرَّضُوْنَ لِذِكْرِهِ ﵊ أَثْنَاءَ مُمَارَسَتِهِم لِذَلِكَ العِلْمِ الشَّرِيْفِ.

1 / 196