At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

Khaldoun Naguib d. Unknown
113

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

ژانرونه

- قَوْلُهُ (لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا) (١): فِيْهِ بَيَانُ أَنَّ المَرْءَ لَا يَنْفَعُهُ إِلَّا عَمَلُهُ الصَّالِحُ، وَفِيْهِ بُطْلَانُ الاعْتِمَادِ عَلَى النَّسَبِ فِي دَفْعِ العَذَابِ دُوْنَ العَمَلِ الصَّالِحِ، كَمَا أَنَّ نُوْحًا ﵇ لَمْ يَنْفَعْ وَلَدَهُ، وَلَا إِبْرَاهِيْمَ ﵇ أَبَاهُ، وَلَا نُوْحًا وَلُوْطًا ﵉ زَوْجَتَيْهِمَا (٢) (٣)، وَفِيْهِ جَوَازُ سُؤَالِ الرَّسُوْلِ ﷺ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ. - فِي قَوْلِهِ (سَلِيْنِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي؛ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا): بَيَانُ القَاعِدَةِ الكُلِّيَّةِ فِي التَّوْحِيْدِ، وَهِيَ أَنَّ مَا كَانَ للهِ لَا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ اللهِ، فَلَا يَخْفَى الفَرْقُ - إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى - بَيْنَ قَوْلِهِ (مِنْ مَالِي) وَبَيْنَ (مِنَ اللهِ شَيْئًا). (٤) - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيْرَتَكَ الأَقْرَبِيْنَ﴾: إِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ الدَّاعِيَةَ وَالآمِرَ بِالمَعْرُوْفِ وَالنَّاهِيَ عَنِ المُنْكَرِ يَبْدَأُ بِأَهْلِ بَيْتِهِ وَخَاصَّتِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِجِيْرَانِهِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ، ثُمَّ يَتَوَسَّعُ بِالخَيْرِ إِلَى مَنْ حَوْلَهُ مِنَ البِلَادِ، أَمَّا العَكْسُ فَهَذَا خِلَافُ مَنْهَجِ الرَّسُوْلِ ﷺ. (٥) - فَائِدَة ١) فِي الحَدِيْثِ التَّصْرِيْحُ بِأَنَّ الإِمَامَ - فِي الصَّلَاةِ - يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيْعِ وَالتَّحْمِيْدِ. - فَائِدَة ٢) الفَرْقُ بَيْنَ الحَمْدِ وَالمَدْحِ: أَنَّ الحَمْدَ إِخْبَارٌ عَنْ مَحَاسِنِ المَحْمودِ مَعَ حُبِّهِ وَإِجْلَالِهِ وَتَعْظِيْمِهِ، أَمَّا المَدْحُ فَإِنَّهُ خَبَرٌ مُجَرَّدٌ.

(١) وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ (٢٠٤) (أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ). (٢) وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِيْنَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوْحٍ وَامْرَأَتَ لُوْطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيْلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِيْنَ﴾ (التَّحْرِيْم:١٠)، فَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ مَثَلًا لِلاعْتِبَارِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَخْذِ الحِكْمَةِ مِنْهُ. (٣) وَإِذَا كَانَ القُرْبُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ لَا يُغْنِي عَنِ القَرِيْبِ شَيْئًا، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْعِ التَّوَسُّلِ بِجَاهِ النَّبِيِّ ﷺ؛ لِأَنَّ جَاهَ النَّبِيِّ ﷺ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إِلَّا النَّبِيُّ ﷺ، وَلِهَذَا كَانَ أَصَحُّ قَوْلَي أَهْلِ العِلْمِ تَحْرِيْمُ التَّوَسُّلِ بِجَاهِ النَّبِيِّ ﷺ. (٤) وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ (٣١٨٥) بِلَفْظِ (أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ ضَرًّا أَوْ نَفْعًا). صَحِيْحٌ. صَحِيْحُ الجَامِعِ (٧٩٨٣). (٥) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٥٠٣/ ٨): (وَالسِّرُّ فِي الأَمْرِ بِإِنْذَارِ الأَقْرَبِيْنَ أَوَّلًا أَنَّ الحُجَّةَ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِم تَعدَّتْ إِلَى غَيْرِهِم؛ وَإِلَّا فَكَانُوا عِلَّةٍ لِلأَبْعَدِيْنَ فِي الامْتِنَاعِ). قُلْتُ: وَأَيْضًا مِنْ جِهَةِ حَقِّ الرَّحِمِ؛ فَإِنّ الأَقْرَبَ هُوَ الأَوْلَى بِالنَّفْعِ.

1 / 113