إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
الطبعة الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
ژانرونه
[الباب الخامس:] * باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله
ــ
قال المؤلف ﵀: "باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله".
مناسبة هذا الباب لما قبله من الأبواب ظاهرة جدًّا، فإنه في الأبواب السابقة ذكر في الباب الأول: معرفة التّوحيد، وفي الباب الثاني: ذكر فضل التّوحيد، وفي الباب الثالث: ذكر فضل من حقق التّوحيد، وفي الباب الرابع: ذكر ما يضاد التّوحيد، وهو الشرك. فإذا كان طالب العلم ألَمَّ بهذه الأبواب، وعرفها معرفة جيدة، عرف التّوحيد وفضله وتحقيقه، وعرف ما يضاده من الشرك الأكبر أو ينقصه من الشرك الأصغر والبدع وسائر المعاصي، فإنه حينئذٍ تأهّل للدعوة إلى الله ﷿، لأنه لا يجوز للإنسان إذا علم شيئًا من هذا العلم أن يختزنه في صدره، ويُغلق عليه، ويختصه لنفسه، هذا العلم مشتَرك بين الأمة، فمن عرف شيئًا منه فإنه يجب عليه أن ينشره، وأن يدعو الناس إليه، فإن هذه الأمة أمة دعوة، كما قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)﴾، فلا يجوز للمسلم الذي عرف شيئًا من العلم أن يسكت عليه وهو يرى الناس في حاجة إليه، خصوصًا علم التّوحيد وعلم العقيدة، لأنه إذا فعل ذلك فقد ترك واجبًا عظيمًا، ولا يقول الإنسان أنا ما علي إلاَّ من نفسي- كما يقوله بعض الجهلة أو الكسالى-، أنا ما عليَّ من الناس!! بل عليك نفسك أولًا، ثم عليك أن تدعو الناس إلى دين الله ﷿، فإن اقتصرت على نفسك تركت واجبًا عظيمًا تحاسب عنه يوم القيامة، وتعرّض نفسك لغضب الله ﷿ حيث تركت ما أوجبه عليك من الدعوة إلى الله ﷿، هذا وجه المناسبة، وهي ظاهرة.
فقوله: "باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله" أي: الدعوة، وأن المسلم الذي منّ الله عليه بمعرفة التّوحيد، ومعرفة الشرك لا يسعه أن يسكت وهو يرى الناس يجهلون التّوحيد، ويقعون في الشرك الأكبر والأصغر، ويسكت على ذلك، كما هو واقع كثير من طلبة العلم والعلماء، الذين يرون الناس على العقائد الفاسدة
1 / 100