إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
الطبعة الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
ژانرونه
وقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ الآية.
ــ
قوله: "وقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ " القضاء له عِدة معان، منها: القضاء والقدر، ومنها: الحُكم والشرع، ومنها: الإخبار ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ﴾ يعني: أخبرناهم، ومنها: الفراغ ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ ﴿) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ﴾ يعني: فرغتم منها. فالقضاء له عدة إطلاقات، المراد منها هنا: الأمر والشرع، و" ﴿وَقَضَى﴾ " معناه: شرع " ﴿أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ "، والله لم يشرع عبادة غيره أبدًا، لم يشرع عبادة الأصنام، ولم يشرع عبادة الأولياء والصالحين، ولم يشرع عبادة الأضرحة والقبور، ولم يشرع عبادة الأشجار والأحجار، أبدًا، هذا شرعه الشيطان، أما شرع الله فهو عبادة الله -سبحانه- وحده لا شريك له.
وهذا هو معنى "لا إله إلاَّ الله " " ﴿أَلاَّ تَعْبُدُوا﴾ " هذا نفي، " ﴿إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ " هذا إثبات، فهو معنى "لا إله إلاَّ الله" تمامًا.
ولما أمر بحقه- سبحانه- أمر بحق الوالدين: " ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ " فيأتي حق الوالدين بعد حق الله ﷾ مباشرة؛ لأن الوالدين هما أعظم محسِن عليك بعد الله- سبحانه- ومعنى " ﴿إِحْسَانًا﴾ " يعني: أحسن إليهما كما أحسنا إليك.
والشاهد من الآية: " ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ " لأنها تفسِّر التّوحيد، وهو: عبادة الله وترك عبادة ما سواه، هذا هو التّوحيد، أما عبادة الله بدون ترك عبادة ما سواه فهذا لا يسمى توحيدًا، فالمشركون يعبدون الله ولكنهم يعبدون معه غيره فصاروا مشركين، فليس المهم أن الإنسان يعبد الله فقط، بل لابد أن يعبد الله ويترك عبادة ما سواه، وإلاَّ لا يكون عابدًا لله، ولا موحِّدًا، فالذي يصلي ويصوم وبحج ولكنه لا يترك عبادة غير الله ليس بمسلم، ولا تنفعه صلاته ولا صيامه ولا حجّه؛ لأنه لم يتمثل قوله- تعالى-: " ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ "، " ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ " يعني: لا تعبدوا معه غيره، وفي الحديث القدسي عن الله ﷾ أنه يقول: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه"، وفي رواية: "فهو للذي أشرك، وأنا منه بريء".
1 / 29