إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
شمېره چاپونه
الطبعة الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
ژانرونه
فقوله سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا﴾ لأن الرزق من الله ﷾ فهو الرزاق: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)﴾، ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾، فلو أنّ الله منع المطر من السماء الذي هو سبب الرزق واجتمع أهل الأرض كلهم أن يُوجدوا المطر لن يستطيعوا أبدًا.
" ﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ﴾ " أي: اطلبوا الرزق من الله ﷾، فإن الله قريب مجيب لمن دعاه، ولا تطلبوا الرزق من الأوثان التي لا تملك شيئًا.
﴿وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ هذا فيه توجيه من الله ﷾ لعباده أن لا يطلبوا الرزق من غيره، وأن يعبدوه ولا يعبدوا غيره، فإنهم إذا عبدوه رزقهم، كما قال تعالى: " ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ﴾، فالرزق إنما يُسْتَجْلَب بعبادة الله ﷾، وأما المعاصي فإنها تسبِّب منع الرزق، فما يحصل في الأرض من المجاعات ومن شُحّ الأرزاق إنما سببه الكفر والمعاصي، وما يحصل في الأرض من خيرات وأرزاق فسببه الطاعة والعبادة إلاَّ أن يكون استدراجًا.
فهذه الآية كالتي قبلها فيها وجوب التَّوَجُّه إلى الله سبحانه بالدعاء، وطلب الحاجات، وتفريج الكُرُبات، وطلب الرزق، وأن أحدًا غيره لا يملك رزقًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا﴾، فكيف يطلب الرزق ممن لا يملكه.
وفاقد الشيء لا يعطيه.
وقوله: ﴿إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ في الدار الآخرة بعد الموت، فيجازيكم بأعمالكم.
وهذا تنبيه على أن هناك دار جزاء، وأنكم إن أحسنتم فستلقون الجزاء الحسن، وإن أسأتم فستلقون الجزاء السيء، فأنتم لستم بمهملين، ولا مضيّعين، ولا متروكين، لابد لكم من موعد مع الله ﷾ في موقف الحساب، فاستدركوا لأنفسكم قبل الموت، وتوجهوا إلى الله، وأخلصوا له العبادة، وأصلحوا الأعمال، لأنكم تُرجعون إلى الله، وهذا الموعد ما أحد يتخلّف عنه، لا الكافر، ولا المسلم.
1 / 197