135

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

خپرندوی

مؤسسة الرسالة

د ایډیشن شمېره

الطبعة الثالثة

د چاپ کال

١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م

ژانرونه

قال: من الواهِنَة. فقال: "انزعها، فإنها لا تزيدك إلاَّ وهنًا، فإنك لو متّ وهي عليك ما أفلحت أبدًا"، رواه أحمد بسند لا بأس به. ــ "قال: من الواهنة" يعني: لبستها من أجل دفع الواهنة، لتقيني منها، والواهنة مرض يصيب اليد، يُسَمَّى عند العرب بالواهنة، وكان من عادتهم لبس الحلْقة من أجل توقِّي هذا الوجع، يزعمون أن هذه الحلْقة تدفع هذا الوجع. "فقال النبي ﷺ: "انزعها" النزع معناه: الرفع بشدّة، أي: ارفعها مسرعًا بنزعها ونشيطًا في رفعها لا تتوانى، في تركها على جسمك، لأنها مظهر شرك- والعياذ بالله-. ففيه المبادرة بإزالة مظاهر الشرك، وأن الإنسان لا يتوانى في تركه. ثم علّل ﷺ ما في بقائها عليه من الضرر، قال: "فإنها لا تزيدك إلاَّ وهنًا" إلا ضعفًا، فالوهن معناها: الضعف والمرض. فهذا فيه دليل على أن لبس هذه الأشياء فمن الحلْقة ونحوها بقصد دفع الضرر أنه يسبّب عكس المقصود، فإنه لبسها من أجل توقِّي المرض، والنبي ﷺ أخبر أنها تجلب المرض، وذلك ظاهر في الذين يتعاطون هذه الأشياء؛ تجدهم دائمًا في قَلَق وفي خوف، لكن الذي يتوكل على الله لا يهمّه شيء فتجده نشيطًا، قويّ العزيمة، مرتاح الضمير، منشرح الصدر، وتجد الذي يخاف من غير الله ويستعمل هذه، الرباطات ضعيف الجسم، منهك القوى، مهمومًا حزينًا، يتخوّف من كل شيء. "فإنك لو متّ وهي عليك ما أفلحت أبدًا" أي: لو مات ولم يتب منها ما أفلح أبدًا. فهذا فيه دليل على أن الشرك لا يُغفر حتى ولو كان شركًا أصغر، يُعذّب به، وإن كان لا يعذّب تعذيب المشرك الشرك الأكبر؛ فلا يخلّد في النار، لكن يعذّب بها بقدره. قال الشيخ ﵀ في مسائله: "فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر"، فالشرك الأصغر أكبر من الكبائر، لأن المعاصي وإن كانت كبائر إذا لم تكن شركًا، فلا تخل بالعقيدة وأما الشرك الأصغر فإنه يخلّ بالعقيدة، وأيضًا لا يُغفر على الصحيح، والمعاصي الكبائر التي دونه مظِنّة المغفرة: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ .

1 / 139