تكلم الزوج وقال: «لم نكن نعرف ما إذا كان يتعين علينا فعل ذلك أم لا.» وضع كلتا يديه على الطاولة، وأصابعه ممدودة تضغط على الطاولة وتشد مفرشها.
قال المحامي ستيفنز: «ليس اتهاما. مجرد معلومات.»
جرت عادته على التحدث بهذه الطريقة المقتضبة حتى قبل إصابته بالسكتة الدماغية، ولاحظت مورين منذ وقت طويل كم أن بضع كلمات ينطق بها زوجها بنبرة تكاد تخلو من المودة؛ نبرة تكاد تنم عن التأنيب الفظ، من شأنها رفع الروح المعنوية للناس وإزالة عبء ثقيل عن كاهلهم.
كانت تفكر في السبب الآخر الذي دعا النساء إلى الإعراض عن زيارة السيد سيديكاب. لم تعجبهن الملابس؛ ملابس النساء، الملابس التحتية - اللباسات النسوية التحتية، وحمالات الصدر القديمة المهترئة، والسراويل التحتية الرثة، والجوارب الخشنة الملمس المتدلية من ظهور الكراسي، أو من حبل الغسيل المعلق أعلى المدفأة، أو المكومة فحسب على الطاولة. لا بد أن كل هذه الأشياء كانت لزوجته بالطبع، وبدا لأول وهلة أنه ربما يغسلها ويجففها ويفرزها قبل أن يتخلص منها، لكنها لم تبرح مكانها أسبوعا تلو الآخر، وبدأ النساء يتساءلن: هل تركها ملقاة هناك هكذا ليوحي بأشياء معينة؟ وهل كان يرتديها هو نفسه؟ هل كان منحرفا؟
كل هذه التكهنات ستطفو على السطح الآن، وسيكون كل ذلك قرينة ضده. «منحرف.» لعلهن على حق، وربما سيقودهن إلى حيث انهال على هيذر ضربا حتى الموت خلال نوبة هياج جنسي، أو ربما عثرن على شيء يخصها في بيته. وسيقول الناس بأصوات خافتة بغيضة إن ذلك لم يكن بمنزلة المفاجأة بالنسبة إليهم؛ سيقول بعضهم لبعض: «لم أفاجأ البتة. هل فوجئت؟»
طرح المحامي ستيفنز بعض الأسئلة عن طبيعة العمل بمحطة دوجلاس بوينت للطاقة الذرية، وأجابته ماريان: «إنه يعمل بقسم الصيانة. كل يوم عندما يهم بالرحيل، يجب أن يخضع لفحص بالأشعة السينية، وحتى الخرق التي يمسح بها حذاءه يجب دفنها تحت الأرض.»
عندما أغلقت مورين الباب بعد رحيلهما ورأت شبحهما من وراء الزجاج المعتم، لم تكن مقتنعة تماما، فصعدت ثلاث درجات وصولا إلى بسطة الدرج؛ حيث كانت ثمة نافذة مقوسة، وراقبتهما منها.
لم تكن في الأفق أي سيارة أو شاحنة أو غيرهما من العربات التي ادعيا امتلاكها. لا بد أنهما أوقفاها بالشارع الرئيسي، أو في ساحة الانتظار خلف دار البلدية. من المحتمل أنهما لم تكن لديهما رغبة في أن يراها أحد أمام بيت المحامي ستيفنز.
كانت دار البلدية ومخفر الشرطة في المكان نفسه. انعطفا بهذا الاتجاه، لكنهما عبرا الشارع بزاوية وجلسا، دون أن يغادرا مرمى بصر مورين، على الجدار الحجري الخفيض المحيط بالمدافن القديمة وتلك البقعة الغناء الوافرة الأزهار المعروفة باسم متنزه بايونير.
ما الذي يدفعهما إلى الجلوس بعد أن جلسا في غرفة الطعام لمدة ساعة على الأقل؟ لم يتكلم أو ينظر أحدهما إلى الآخر، لكن بدا أنهما متحدان وكأنهما يأخذان قسطا من الراحة في خضم أعمال شاقة يضطلعان بها معا.
ناپیژندل شوی مخ