قال زوجها بالطريقة نفسها التي يستحضر بها - دون مبالاة - تفاصيل صفقة بيع أو عقد إيجار لم يكن يخطر ببال أحد أنه يعرفه بهذه السهولة: «سليتر، ثيو.»
قالت مورين: «أنت مطلع على مستجدات الأمور أكثر مني.»
سألها عما إذا كان حساء الشعير جاهزا. قال: «تناولي الطعام وأنصتي.»
جلبت فرانسيس حساء الشعير، فانكب عليه على الفور. كان حساء الشعير المغطى بسخاء بالكريمة والسكر البني وجبته المفضلة شتاء وصيفا.
وعندما جلبت فرانسيس القهوة، حاولت أن تتسكع في المكان، بيد أن ماريان رمقتها بنظرة ثابتة جعلتها تشيح بوجهها وتنطلق إلى المطبخ.
حدثت مورين نفسها أن ماريان تستطيع أن تتدبر أمرها أكثر منها شخصيا.
لم تكن ثمة ميزة واحدة جلية تميز ماريان هيوبرت؛ فرأسها كبير، وخداها مترهلان، حتى إن مورين كانت تحضرها صورة كلب من نوع ما كلما وقعت عيناها عليها. ليس بالضرورة كلبا دميما؛ فلم يكن وجهها قبيحا حقا؛ كل ما في الأمر أنه كبير وصارم الملامح، ولكن في كل مكان كانت تطؤه ماريان، كما في غرفة طعام مورين الآن، كانت توحي للآخرين بأنها تتمتع بحقوق مطلقة، وعلى الآخرين أن يحسبوا لها ألف حساب.
كانت قد بالغت في مقدار المساحيق التي وضعتها على وجهها، وربما كان ذلك سببا آخر وراء عدم تعرف مورين عليها لأول وهلة. كان تبرجها شاحبا ومائلا إلى اللون الوردي، فلم يناسب بشرتها الزيتونية اللون وحاجبيها الأسودين الكثيفين. جعلها التبرج تبدو غريبة الشكل، لكنه لم يجعلها بائسة. وبدا أنها وضعت مساحيق التبرج مثلما تضع الحلة على جسدها والقبعة على رأسها؛ لتثبت أنها قادرة على مسايرة غيرها من النساء في اللباس والزينة؛ حيث كانت تعلم ما هو متوقع، ولكن لعلها كانت تريد أن تبدو جميلة فحسب. ربما رأت أن المسحوق الباهت العالق بوجنتيها، وأحمر الشفاه الوردي الكثيف يحدثان تحولا في هيئتها، ولعلها التفتت إلى زوجها بخجل بعد أن انتهت من تزينها. كاد يضحك ضحكة مكتومة وهو يجيب نيابة عن زوجته عندما سألتها مورين عن كمية السكر التي تفضلها في قهوتها؛ إذ قال: «قطعا كبيرة.»
كان كثيرا ما يردد «رجاء، وشكرا»، قال: «رجاء. شكرا جزيلا لك. شكرا لك. نفس الكمية لي. شكرا لك.»
كانت ماريان تقول: «لم نكن نعرف شيئا عن تلك الفتاة إلى أن بدا أن الجميع يعرفون قصتها؛ أعني أننا لم نكن نعرف، أيضا، أن ثمة شخصا مفقودا أو أي شيء من هذا القبيل. لم نكن نعرف إلى أن وصلنا إلى المدينة أمس. أمس؟ الإثنين؟ أمس كان الإثنين. التبست علي الأيام كلها لأنني أتعاطى مسكنات للألم منذ فترة.»
ناپیژندل شوی مخ