سألتها: «ماذا تعنين؟» لكن عقلي كان شاردا ظهيرة اليوم الثالث بالمستشفى بالتزامن تحديدا مع الجزء الأخير من قصة شارلوت؛ حيث جال بخاطري كتاب لم يرسل بعد يتناول الرحلات البحرية في البحر المتوسط، وكنت أفكر أيضا في كاتب العدل الذي ضربه أحدهم على رأسه ليلة أمس في مكتبه بشارع جونسون. لم يلق حتفه، لكنه ربما أصيب بالعمى. أكانت عملية سرقة؟ أم عملا انتقاميا بدافع الغضب يرتبط بفترة من حياته لم أخمنها من قبل؟
جعلت الأحداث الدرامية المبالغ فيها والارتباك هذا المكان أكثر اعتيادا، ولكن أقل استيعابا بالنسبة إلي.
قلت لها: «بالطبع هو جزء مهم. كله مهم. إنها قصة مذهلة.»
رددت شارلوت بطريقة متكلفة: «مذهلة.» تجهمت فبدت أشبه برضيع يستفرغ ملء ملعقة من طعام الأطفال، وبدت عيناها اللتان لم تفارقاني وكأنهما تفقدان لونهما وزرقتهما الطفولية اللامعة الأنوفة، وتحولت شكاستهما إلى اشمئزاز، وبدا عليها تعبير ينم عن الاشمئزاز الخبيث، والإنهاك الذي لا يوصف كذلك، الذي يبديه الناس للمرآة ونادرا ما يبدونه للآخرين؛ ربما كان بسبب الأفكار التي كانت تجول في رأسي، خطر لي أن شارلوت قد تموت؛ قد تموت في أي لحظة، قد تموت توا؛ الآن.
أشارت إلى كأس الماء بشفاطتها البلاستيكية المعقوفة. أمسكت الكأس لها بحيث يمكنها أن تشرب، وسندت رأسها، وأمكنني أن أحس بحرارة فروة رأسها ونبضها أسفل جمجمتها. شربت وارتوت من ظمأ، وتبددت من وجهها النظرة المروعة.
قالت: «فكرة بالية.»
قلت بينما أعدتها برفق إلى وسادتها: «أعتقد أنها ستكون مادة ثرية لفيلم رائع.» أمسكت بمعصمي ثم تركته.
سألتها: «من أين أتيت بالفكرة؟»
قالت شارلوت بغموض: «من الحياة. انتظري لحظة.» أشاحت بوجهها على الوسادة وكأنها بصدد ترتيب شيء ما سرا، ثم عادت لوضعيتها وأخبرتني المزيد. •••
لم تمت شارلوت. على الأقل لم تمت في المستشفى. عندما وصلت متأخرة بعض الشيء ظهر اليوم التالي، كان فراشها خاليا وقد تم ترتيبه منذ لحظات، وكانت الممرضة التي تحدثت إليها من قبل تحاول قياس درجة حرارة امرأة مقيدة بكرسي متحرك، وضحكت من النظرة التي بدت على وجهي.
ناپیژندل شوی مخ