قالت: «ثمة إصلاحات تتم، أو ربما أن التيار الكهربي له تقلباته. أعتقد بالفعل أن له تقلباته، ولكن من حسن الطالع أن لدينا موقدا يعمل بالغاز الطبيعي، وما دام لدينا هذا الموقد، فإننا لا نعبأ كثيرا بتقلبات التيار الكهربي. جل ما يحزنني أننا لا نستطيع تشغيل الموسيقى. كنت أعتزم تشغيل بعض الأغاني السياسية القديمة - حلمت بأنني رأيت جو هيل ليلة أمس.» أنشدتها بصوت جهير ساخر وسألتني: «هل تعرفين هذه الأغنية؟»
كنت أعرفها بالتأكيد؛ كان دونالد ينشدها عادة كلما لعبت الخمر برأسه. عادة ما يتمتع الذين ينشدون أغنية «جو هيل» بميول سياسية غامضة لكنها مميزة، لكنني لم أكن أحسب أن الأمر سيكون كذلك بالنسبة إلى شارلوت؛ فهي لا تعول على الميول في حكمها على الأمور ولا على المبادئ؛ فقد كانت تتعامل بهزل مع ما يتعاطى معه الناس بجدية. لم أكن متأكدة من شعوري تجاهها؛ لم يكن الإعجاب أو الاحترام. كنت أشعر برغبة في أن أكون مكانها، وهي رغبة لم تكن تدهشني. كنت أود أن أكون مثلها؛ شخصية مبتهجة وساخرة من ذاتي، وخبيثة خبثا رفيقا، ولا شيء يشبع رغباتي.
في تلك الأثناء، كان جوردي يريني بعض الكتب. كيف بدأ ذلك النقاش؟ ربما انبثق من تعليق أبديته - ربما كان عن عدد الكتب التي يملكانها؛ شيء من هذا القبيل - عندما تعثرت في بعضها أثناء عودتي من الحمام. كان يجلب كتبا بأغلفة جلدية أو جلدية مقلدة - كيف لي أن أميز الفارق؟ - كتبا ذات أوراق أخيرة بها ألوان وخطوط تشبه الرخام، وأغلفة أمامية مزينة بألوان مائية ونقوش فولاذية. في البداية، ظننت أن الأمر لا يتطلب سوى الإعجاب، وأعجبت بالفعل بكل شيء، ولكن تناهت إلى مسامعي كلمة المال. هل هذا أول شيء مميز سمعت جوردي يقوله؟
قلت له: «لا أتعاطى إلا مع الكتب الجديدة. هذه كتب مذهلة، لكنني لا أعرف عنها شيئا في حقيقة الأمر. ثمة نشاط تجاري مختلف تماما يتعامل مع هذا النوع من الكتب.»
هز جوردي رأسه نافيا وكأنني لم أستوعب كلامه؛ لذا سيحاول الآن أن يفسر مجددا وبحسم هذه المرة. كرر على مسامعي السعر بنبرة أكثر إصرارا. أكان يعتقد أنني سأساومه؟ أم كان يخبرني عن السعر الذي دفعه لقاء الكتب؟ لعلنا نجري حوارا تنبئيا عن السعر الذي يمكن أن تباع به الكتب، لا عما إذا كان ينبغي لي شراؤها.
أخذت أجيبه تارة بالنفي وتارة بالإيجاب بما يتناسب مع السؤال؛ «لا» أستطيع أن آخذها إلى مكتبتي. «نعم»، إنها كتب رائعة. «لا»، أنا آسفة فعلا؛ فأنا لست مؤهلة للحكم على ذلك.
كانت شارلوت تقول: «لو كنا نعيش في دولة أخرى، لربما حققنا أنا وجوردي إنجازا، أو حتى لو كانت السينما في بلدنا هذا قد قامت لها قائمة، فهذا ما كنت أهوى القيام به حقا؛ العمل في السينما كممثلين ثانويين، أو ربما أننا لسنا عاديين بالقدر الكافي للتمثيل الثانوي. ربما عثروا لنا على أدوار صغيرة. أعتقد أن الممثلين الثانويين يجب ألا يكونوا بارزين بحيث يمكن استخدامهم مرارا وتكرارا. أنا وجوردي لا ننسى بسهولة هكذا، وتحديدا جوردي - يمكنك «استغلال» هذا الوجه سينمائيا.»
لم تعر انتباها للحوار الذي دار لاحقا، لكنها استمرت في توجيه كلامها لي، وهز رأسها بين الحين والآخر لجوردي؛ لتوحي له بأنه يتصرف بطريقة جذابة وإن كان من المحتمل أنها لحوحة. كان علي أن أتحدث إليه برفق ناظرة إليه بطرف عيني، ومومئة إليها في الوقت نفسه استجابة لها.
قلت: «ينبغي أن تعرضها حقا على مكتبة الكتب العتيقة. نعم، إنها كتب بديعة فعلا. كتب كهذه خارج نطاق عملي.»
لم يتذمر جوردي، ولم يكن متملقا بل حاسما. بدا وكأنه على استعداد لأن يملي علي أوامره، وأنه سيصاب بالغثيان الشديد إن لم أذعن له. في خضم حيرتي وارتباكي، أعددت لنفسي كأسا من الخمر الأصفر حيث صببت الخمر في كأس الشربات التي لم تغسل. ربما كانت هذه بادرة فيها إساءة شديدة؛ حيث بدا جوردي مستاء جدا.
ناپیژندل شوی مخ