سبقها إلى الطابق السفلي ممسكا بالدرابزين وهابطا الدرج وقدماه ترتعشان مع كل خطوة. «صديقه ليس هنا؟ تساءلت. لم أره أمس. أحاول أن أتتبع الناس، لكنني لا أحب أن أتدخل في شئونهم. حسبت أنه ربما سيرجع مساء. كنت أمسح البهو وإذا بي أسمع صوت ارتطام قوي، فعدت إلى الغرفة. تساءلت: ترى ماذا كان يحدث؟ فوجدت العجوز وحده تماما مطروحا على الأرض.»
الشقة ليست أكبر من شقة جيل، ومصممة بالطريقة نفسها. بها ستائر عادية تنسدل على الستائر الخشبية المصنوعة من الخيزران؛ مما يجعل الشقة معتمة جدا، وتفوح منها رائحة السجائر، ورائحة الطعام المطهي منذ فترة طويلة، ومسحة من معطر جو برائحة الصنوبر. كان الفراش المطوي على شكل أريكة مبسوطا على هيئة فراش مزدوج، والعجوز راقدا على الأرض إلى جواره، بعد أن جر معه بعض مفارش الفراش. بدا رأسه دون الشعر المستعار أملس كقطعة من الصابون المتسخ، وعيناه كانتا نصف مغمضتين، وثمة ضجيج يصدر من أحشائه أشبه بهدير محرك يحاول يائسا أن يدور.
سألت جيل: «هل اتصلت بالإسعاف؟»
أجابها المدير: «ليتك تستطيعين فحسب الإمساك بأحد طرفيه؛ فظهري يؤلمني، وأخشى إن ملت عليه ألا أقيم ظهري مجددا.»
سألته جيل: «أين الهاتف؟ ربما تعرض لسكتة دماغية، وربما تعرض لكسر في الحوض. يجب أن ينقل إلى المستشفى.»
سألها المدير: «أتعتقدين هذا؟ صديقه يستطيع أن يحمله بسهولة ويسر؛ فهو قوي، لكنه الآن محبط.» قالت جيل: «سأجري أنا المكالمة.»
فرد قائلا: «أوه! لا. لدي الرقم مسجلا على الهاتف في مكتبي. لا أسمح لأحد بالدخول إلى مكتبي.» ولما تركها وحدها مع العجوز الذي لا يستطيع أن يسمعها على الأرجح، قالت جيل بنبرة بدت اجتماعية على نحو سخيف: «لا بأس، لا بأس. سنجلب لك العون الآن.» مالت لتسحب الدثار على كتفيه، ولدهشتها تحركت يده باحثة عن يدها وممسكة بها. يده نحيلة وعظامها بارزة، لكنها كانت دافئة بالقدر الكافي، وقوية بطريقة مخيفة. قالت له: «أنا هنا، أنا هنا.» وهي تتساءل ترى هل تتقمص دور الشاب ذي الشعر الأحمر، أم دور شاب آخر، أم دور امرأة ما، أو حتى أمه؟
جاءت سيارة الإسعاف سريعا بصوتها المزعج، وسرعان ما دلف رجال الإسعاف بمحفتهم إلى الغرفة، وتبعهم المدير قائلا: «لم نستطع أن نقيمه من مكانه. هذه هي السيدة ماسي، نزلت من الطابق العلوي لتساعدني في هذا الظرف الطارئ.»
وبينما انشغلوا بوضعه على المحفة، كان على جيل أن تسحب يدها من يده، فبدأ يتذمر، أو هكذا حسبت. هذا الضجيج المستمر اللاإرادي في ظاهره يكتسب تأوهات إضافية. أمسكت بيده مرة أخرى بأسرع ما أمكنها، وسارت إلى جواره بينما أخرجوه على كرسي متحرك. كانت قبضته قوية على يدها لدرجة أنها أحست كأنه يجرها وراءه.
يقول المدير: «لقد كان يملك فندق جاك راندا منذ سنوات طوال. كان يملكه بالفعل.»
ناپیژندل شوی مخ