وروي عن عبد الله بن مصعب الزبيري أنه قال: ((كنت جالسا مع مالك بن أنس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: أيكم أبو عبد الله مالك؟ فقيل له: هذا، فجاء فسلم عليه، واعتنقه وقبل بين عينيه، وضمه إلى صدره، وقال: والله لقد رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في هذا الموضع فقال: علي بمالك، فأتي بك وأنت ترعد فرائصك، فقال لك: ليس بك بأس يا أبا عبد الله، وكناك، وقال لك: اجلس، فجلست، فقال: افتح حجرك، ففتحه، فملأه مسكا منثورا، وقال: ضمه إلى صدرك وبثه في أمتي، قال: فبكى مالك رحمه الله بكاء طويلا، وقال: الرؤيا بشرى، وإن صدقت رؤياك فهو العلم الذي أودعني الله)).
وقد ذكر بعضهم أن مولد مالك سنة ثلاث وتسعين، وتوفي بالمدينة لعشر خلون من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة، وغسله ابن كنانة، وسعيد بن داود، قال يحيى: ((وكنت أنا وابنه يحيى نصب الماء عليه))، وأنزله في قبره جماعة.
وكان له أربعة من الولد: يحيى، ومحمد، وإبراهيم، وحماد، فأما يحيى وإبراهيم فلم يوص بهما إلى أحد ، وأما محمد وحماد فأوصى بهما إلى إبراهيم بن حبيب، وأوصى أن يكفن في ثياب بيض، ويصلى عليه في موضع الجنائز، فصلى عليه محمد بن عبد العزيز العباسي من ولد عبد الله ابن عباس، وكان واليا على المدينة، وبلغ كفنه خمسة دنانير، ودفن بالبقيع، وله يوم مات خمس وثمانون سنة.
مخ ۱۰۱