Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript
أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط
خپرندوی
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
د خپرونکي ځای
https
ژانرونه
للمشقة.
وأجيب: بأنَّا لا نسلِّم ذلك، ولئن سلَّمناه في الوضوء؛ لا نسلِّم ذلك في الغسل.
فإن قيل: لا يلزم من عدم جمعه منع الطهارة به، ولهذا لم يجمعوه للشرب والطبخ والتبرد.
قلت: إنَّما تركوا جمعه للشرب وغيره؛ للاستقذار، فإن النفوس تعافه للعادة، وإن كان طاهرًا، فالظاهر: أنَّ علة الطهارة عموم البلوى، يدل لذلك ما في «الفتاوى الولوالجية»: ولمَّا كان دليل النجاسة قويًّا؛ كان هو المختار، إلا أنَّ البلوى عمت في الماء المستعمل في الحدث الأصغر، فأفتى العلماء بالطهارة؛ للضرورة، وذكر نحوه في «الهداية» وغيرها؛ فافهم.
وقال الإمام زفر: (إن كان مستعمِله طاهرًا؛ فهو طاهر وطهور، وإن كان محدثًا؛ فهو طاهر غير طهور).
وقال مالك والشافعي في القديم ورواية عن أحمد إلى أنَّه طاهر وطهور، وهو قول النخعي، والحسن البصري، والزهري؛ لوصف الماء بالطهور في قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨]، المقتضي تكرار الطهارة؛ كـ (ضَرُوب) لمن يتكرر منه الضرب.
وأجيب: بأن تكرار الطهارة حاصل بما يتردد على العضو دون المنفصل عنه؛ جمعًا بين الدليلين، أو أنه يطهر الحدث ثم يطهر الخبث، فالتكرار من هذا الوجه لا لما ذكروه؛ لأنَّه غير مراد.
وقال ابن بطال: (وأجمعوا على أن الإنسان غير مأخوذ عليه بما يرتش عليه الماء المستعمل، فلو كان نجسًا؛ لوجب التحرز عنه، فهو طاهر، وما لم يتغير طعمه، ولا لونه، ولا ريحه؛ لم يؤثر في الاستعمال في عينه، فلم يؤثر في حكمه، وهو طاهر لاقى طاهرًا، فجاز أن يسقط به الفرض مرة أخرى؛ كالماء الذي غسل به ثوب طاهر، فهو طاهر مطهر) انتهى.
قلت: وفيه نظر، فإن الذي يرتش عليه إنَّما جُعِل عفوًا للضرورة؛ لأنَّه لا يمكن الاحتراز عنه قطعًا، وهو لا يدلُّ على طهارته، وقوله: (ما لم يتغير...) إلخ؛ ممنوع؛ لأنَّه قد حصل له الكلال، والضعف، واجتماع الأوساخ فيه، والأدران التي في البدن، وقوله: (كالماء الذي غسل به ثوب...) إلخ؛ ممنوع؛ لأنَّه قياس مع الفارق، والفرق: أنَّ الثوب الطاهر خالي عن الأوساخ، فإذا غسل به لا تأثير له، بخلاف الماء المستعمل؛ فإنه قد أثر فيه البدن من ارتفاع الحدث، فإنه ماء الذنوب، وقد رأى الإمام الأعظم جماعة يتوضؤون، فينزل الماء منهم بعضه أسود وبعضه أحمر وبعضه كدر، ولا يدرك ذلك إلا أصحاب القلوب السليمة التي نوَّرها الله بالكشف الإلهي، وقد نزع الله تعالى من الماء البركة؛ بسبب اختلاطه بذنوب الناس؛ كالخمر، فإنه مباح في العهد الأول، وفيه النفع، ولمَّا حرم في شريعتنا؛ نزعت منه ذلك النفع، وبقي نجسًا مضرًّا، وستأتي بقية المباحث في ذلك.
(وأمر جرير بن عبد الله أهله أن يتوضؤوا بفضل سواكه) فيما وصله ابن أبي شيبة والدارقطني وغيرهما عنه، ولفظ الدارقطني: «كان يقول لأهله: توضؤوا من آلة أدخل فيه سواكي»، وفي بعض طرقه: كان جرير يستاك، ويغمس رأس سواكه في الماء، ثم يقول لأهله: (توضؤوا بفضله) لا يرى به بأسًا، وهذه الرواية مبينة للمراد.
قال في «عمدة القاري»: (هذا الأثر غير مطابق للترجمة أصلًا، وأن الترجمة في استعمال الماء الذي يَفْضُلُ من المتوضئ، والأثر: هو الوضوء بفضل السواك، ثم فضل السواك إن كان ما ذكره ابن التين وغيره: من أنَّه هو الماء الذي يُنْقَع فيه السواك، فلا مناسبة له للترجمة؛ لأنَّه ليس بفضل الوضوء، وإن كان المراد: أنه الماء الذي يغمس فيه المتوضئ سواكه بعد الاستياك؛ فذلك لا يناسب الترجمة، وقال بعضهم -أي: ابن حجر-: أراد المؤلف أن هذا الصنيع لا يغير الماء، فلا يمنع التطهر به، قلت: من له أدنى ذوق من الكلام لا يقول هذا الوجه في تطابق الأثر للترجمة).
أي: لأنَّ تغير الماء هو معنًى آخر خارج عما نحن بصدده، ومراد المؤلف: التوضؤ بما يَفْضُلُ عن المتوضئ الآخر، فلا وجه لهذا الكلام هنا.
ثم قال في «عمدة القاري»: (وقال ابن المنير: إن قيل: ترجم على استعمال فضل الوضوء، ثم ذكر حديث السواك والمجة، فما وجهه؟ قلت: مقصوده: الرد على من زعم أنَّ الماء المستعمل في الوضوء لا يُتطَهر به، قلت: هذا الكلام أبعد من كلام هذا القائل؛ فأي دليل دلَّ على أن الماء في خبر السواك والمجة فضل الوضوء؟ وليس فضل الوضوء إلا الماء الذي يَفْضُلُعن وضوء المتوضئ، فإن كان لفظ «فضل الوضوء» عربيًّا؛ فهذا معناه، وإن كان غير عربي؛ فلا تعلق له.
وزعم الكرماني فقال: وفضل السواك: هو الماء الذي ينقع فيه السواك ليترطب ويلين، وسواكهم الأراك.
قلت: بيَّنت لك أنَّ هذا كلامٌ واهٍ، وأنَّ فضل السواك لا يقال له: فضل الوضوء، وهذا لا ينكره إلا معاند ومكابر).
قال: (ويمكن أن يقال: بالجر الثقيل أنَّ المراد من فضل السواك: هو الماء الذي في الظرف، والمتوضئ يتوضأ منه، وبعد فراغه من تسوكه عقيب فراغه من المضمضة يرمى السواك الملوث بالماء المستعمل فيه) انتهى.
وقد أجاب بهذا الجواب القسطلاني ونسبه لنفسه لكونه في غاية التحقيق للمناسبة والمطابقة للترجمة.
قال العجلوني متعصبًا لابن حجروقد زاد عليه في الطنبور نغمة: (كلام بعضهم صحيح؛ لقياسه ماء الوضوء، حيث لم يتغير على الذي وضع فيه سواك ليترطب به ولم يتغير، وهو قياس صحيح؛ لوجود الجامع بينهما؛ وهو عدم التغيير) انتهى.
قلت: وهذا القياس فاسد، فإن السواك الذي يستاك به إذا وضع في الماء لا ريب أنه يتغير من الذي عليه من أوساخ الفم والأسنان، ولا يقال له: إنه فضل الوضوء قطعًا، فأين الجامع بينهما؟ على أنه أوَّلًا يصحح كلام ابن حجر، ثم يبين القياس؟ ولا ريب أن كلام ابن حجر غير ظاهر المعنى؛ لأنَّه في وادٍ والمؤلف في وادٍ آخر، والعجلوني مثله كمثل من وضع قطنًا على أرض وجاء آخر يبني عليه بالحجارة، فلا ريب أنَّ ما قاله الإمام بدر الدين العيني هو الصواب، وإليه المرجع والمآب.
[حديث أبي جحيفة في وضوء النبي ﷺ]
١٨٧ - وبه قال: (حدثنا آدم)؛ هو ابن أبي إياس؛ بكسر الهمزة (قال: حدثنا شعبة)؛ أي: ابن الحجاج (قال: حدثنا الحَكَم)؛ بفتحتين؛ أي: ابن عُتَيْبَة -بضم العين المهملة، وفتح المثناة الفوقية، وسكون التحتية، وفتح الموحدة- فهو تابعي صغير، وليس له سماع من أحد من الصحابة إلا أبا جحيفة، وقيل: روى عن ابن أبي أوفى أيضًا، كما في «عمدة القاري» (قال: سمعت أبا جُحَيْفة)؛ بضم الجيم، وفتح الحاء المهملة، وسكون التحتية، بعدها فاء، واسمه: وهب بن عبد الله الثقفي الكوفي السُّوائي -بضم المهملة- المتوفى سنة أربع وسبعين (يقول)؛ جملة محلها النصب على أنها مفعول ثان لـ (سمعت) على قول من يقول: إن السماع يستدعي مفعولين، والأظهر: أنها حال، كذا في «عمدة القاري»: (خرج علينا النبي) الأعظم، وفي رواية: (رسول الله) ﷺ (من قُبَّةٍ حمراءَ من أدم بالأبطح بمكة)، كما صرح به في رواية، (بالهاجرة)؛ أي: في الهاجرة، فالباء فيه ظرفية بمعنى: (في)، وهي نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر، أو عند زوال الشمس إلى العصر، وقيل في كل ذلك: إنه شدة الحر، وفي «الأنواء»: (الهاجرة: بالصيف قبل الظهيرة بقليل أو بعدها بقليل، والهويجرة: قبل العصر بقليل، وسميت: الهاجرة؛ لهروب كل شيء منها)، وفي «المغيث»: الهاجرة؛ بمعنى: المهجورة؛ لأنَّ السير هجر فيها كـ ﴿مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق: ٦]؛ بمعنى: مدفوق، وأما قول النبي الأعظم ﵇: «والمُهَجِّر كالمُهْدِي بدنة»؛ فالمراد: التبكير إلى كلِّ الصلوات، وعن الخليل: (التهجير إلى الجمعة: التبكير، وهي لغة حجازية)، وتمامه في «عمدة القاري».
(فأُتِي)؛ بضم الهمزة وكسر التاء (بوَضوء)؛ بفتح الواو: الماء الذي يتوضأ منه، (فتوضأ)؛ أي: من ذلك الماء، (فجعل الناس) أي: الصحابة (يأخذون) في محل
النصب على أنه خبر (جعل) الذي هو من أفعال المقاربة (من فضل وَضوئه)؛ بفتح الواو: الماء الذي بقي بعد فراغه من الوضوء، وكأنَّهم اقتسموه بينهم، أو أنَّهم كانوا يتناولون ما سال من أعضائه ﵇، (فيتمسحون به)؛ أي: بذلك الماء، فإن كان المراد المعنى الأول؛ فلا دلالة فيه على طهارة الماء المستعمل؛ لأنَّهم أخذوا (^١) ما فضل من وضوئه في الإناء، فيكون المراد منه: التبرك بذلك، والماء طاهر، فازداد طهارة ببركة وضع النبي الأعظم ﵇ يده المباركة فيه، وإن كان المراد المعنى الثاني؛ فلا دلالة فيه أيضًا على طهارة الماء المستعمل؛ لأنَّ الماء لا يُحْكَم عليه بالاستعمال إلا إذا انفصل عن العضو واستقر في مكان، وهنا ليس كذلك، على أنَّ ظاهر اللفظ يدل على الأول، فإن جُعِل (الوضوء) اسمًا لمطلق الماء؛ فلا دلالة فيه على الطهارة، وإن أُريدَ بـ (وضوئه): فضل مائه الذي توضأ ببعضه ولم يستعمله في أعضائه؛ فلا دلالة أيضًا، ومع هذه الاحتمالات لا يثبت دليل الطهارة، فتثبت النجاسة، وأخذ الصحابة ذلك الماء للتبرك؛ لأنَّه لا شكَّ في طهارته؛ لأنَّ إمامنا الأعظم ﵁ قال بطهارة فضلاته، فكيف بماء وضوئه؟! بالأولى.
والتمسيح: من باب (التفعيل)، وهي تأتي لمعان، ومعناها هنا: العمل؛ ليدل على أن أصل الفعل حصل مرة بعد مرة؛ نحو: تَجَرَّعَهُ؛ أي: شربه جرعة بعد جرعة، والمعنى هنا كذلك؛ لأنَّ كل واحد منهم يمسح به وجهه ويديه مرة بعد أخرى، ويحتمل أن تكون للتكلف (^٢)؛ لأنَّ كل واحد منهم لشدة الازدحام على فضل وضوئه كان يتعانى لتحصيله كـ (تشجع) و(تصبَّر).
(فصلى النبي) الأعظم، وفي رواية: (رسول الله) ﷺ الظهر ركعتين، والعصر ركعتين) مقصورتين؛ لأنَّه كان في السفر، (وبين يديه) خبر مقدم، والجملة حالية، وقوله: (عَنَزَة)؛ بالرفع مبتدأ مؤخر، وهي بفتحات: أقصر من الرمح وأطول من العصا، وفيه زج كزج الرمح، وإنما صلَّى إليها؛ لأنَّه ﵇ كان في الصحراء.
وفي الحديث: دلالة على جواز التبرك بآثار الصالحين، وفيه: قصر الرباعية في السفر، وفيه: نصب العَنَزَةَ بين يدي المصلي إذا كان في الصحراء، والله أعلم.
١٨٨ - (وقال أبو موسى)؛ أي: عبد الله بن قيس الأشعري، مما وصله المؤلف في (المغازي) وأوله: عن أبي موسى قال: كنت عند النبي ﷺ بالجعرانة ومعه بلال، فأتاه أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ قال: «أبشر» ...؛ الحديث، وفيه ما اقتصر عليه المؤلف هنا على موضع الاستشهاد، فقال: (دعا النبي) الأعظم ﷺ بقَدَح)؛ بفتحتين: الإناء الذي يؤكل فيه، قاله ابن الأثير، وقال في «عمدة القاري»: (في استعمال الناس اليوم: الإناء الذي يشرب فيه)؛ فتأمل، (فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه) أي: في الإناء، (ومج فيه)؛ أي: صبَّ ما تناوله من الماء بفيه في الإناء، (ثم قال) ﵇ (لهما)؛ أي: لبلال وأبي موسى، وكان بلال مع أبي موسى حاضرًا عند النبي الأعظم ﵇، كما دل عليه الحديث في (المغازي): (اشربا)؛ بهمزة وصل من (شرب) (منه)؛ أي: من ذلك الماء، (وأَفرِغا)؛ بهمزة قطع مفتوحة من الرباعي؛ أي: صُبَّا من الماء (على وجوهكما ونحوركما)؛ بالنُّون، جمع نحر، وهو الصدر.
قال الإسماعيلي: (ليس هذا من الوضوء في شيء، وإنما هو مثل من استشفى بالغسل له، فغسل)، قال في «عمدة القاري»: (أراد بهذا الكلام أنه لا مطابقة له للترجمة، ولكن فيه مطابقة من حيث إنه ﵇ لمَّا غسل يديه ووجهه في القدح؛ صار الماء مستعملًا، ولكنَّه طاهر؛ لأنَّه لو لم يكن طاهرًا؛ لما أمر بشربه وإفراغه على الوجه والنحر، وهذا الماء طاهر وطهور أيضًا بلا خلاف، ولكن إذا وقع مثل هذا من غيره ﵇؛ يكون الماء على حاله طاهرًا، ولكن لا يكون مطهِّرًا على ما عُرِف).
وقال الكرماني: (فيه دلالة على طهارة الماء المستعمل، وفيه جواز المج في الماء)، قال في «عمدة القاري»: (هذا في حق النبي الأعظم ﵇؛ لأنَّ لعابه أطيب من المسك، ومن غيره مُتَقَذَّر؛ ولهذا كرهه العلماء، والنبي ﵇ لعابه أعظم، وكانوا يتدافقون على نخامته ويدلكون بها وجوههم؛ لبركتها وطيبها، وخَلوفه ما كان يشابه خَلوفَ غيره، وذلك لمناجاته الملائكة، فطيَّبَ الله نكهته، وخَلوفَ فمه، وجميع رائحته).
وقال ابن القطاع: (فيه دليل على أن لعاب البشر ليس بنجس، ولا بقيَّة شربه، وذلك يدل على أنَّ نهيه ﵇ عن النفخ في الطعام والشراب ليس على سبيل أنَّ ما تطاير فيه من اللعاب نجس، وإنَّما هو خشية أن يتقذَّره الآكل منه والشارب، فأمر بالتأدُّب في ذلك، وحديث أبي موسى يحتمل أن يكون ﵇ أمر بالشرب من الذي مجَّ فيه والإفراغ على الوجوه والنحور من أجل مرض أو شيء أصابهما)، واعترضه الكرماني: (بأنه لم يكن ذلك من أجل ما ذكره، بل كان لمجرد التيمُّن والتبرك)، قال في «عمدة القاري»: فعلى هذا لا تطابق بينه وبين ترجمة الباب، وقد قدمنا وجه المطابقة؛ فافهم، والله أعلم.
[حديث: وإذا توضأ النبي كادوا يقتتلون على وضوئه]
١٨٩ - وبه قال: (حدثنا علي بن عبد الله) هو ابن المديني (قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعْد) بسكون العين المهملة (قال: حدثنا أبي)؛ أي: إبراهيم المذكور، (عن صالح) هو ابن كيسان، (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري: أنه (قال: أخبرني) وفي رواية: (حدثني) بالإفراد فيهما (محمود بن الرَّبيع) بفتح الرَّاء (قال)؛ أي: ابن شهاب: (وهو) أي: محمود (الذي مَجَّ)؛ أي: رمى، والمُجاج: الريق الذي تمجه من فِيْك، (رسول الله ﷺ؛ أي: من فمه الشريف ماءً (في وجهه)؛ أي: ليمازحه؛ إيناسًا له (وهو غلام) جملة اسمية وقعت حالًا، وقوله: (من بئرهم) متعلق بقوله: (مج)، أو حال من المفعول المحذوف، والظاهر الأولى، كما لا يخفى، والضمير في (بئرهم): يعود لمحمود وقومه بدلالة القرينة عليه.
والذي أخبر به محمود هو قوله: (عَقَلْتُ من النبي صلى الله عليه [وسلم] مجَّة مجَّها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين من دلو)، وقوله: (وهو الذي مج...) إلى قوله: (بئرهم)؛ كلام لابن شهاب ذكره تعريفًا أو تشريفًا، وهذا الحديث لا يطابق الترجمة، وإنما يدلُّ على ممازحة الطفل بما قد يصعب عليه؛ لأنَّ مجَّ الماء قد يَصْعُبُ عليه، وإن كان قد يستلذ به؛ فافهم.
وقد أخرجه المؤلف في كتاب (العلم) في باب (متى يصح سماع الصغير)، وقد سبق الكلام عليه مستوفًى من جميع الوجوه.
(وقال عروة)؛ هو ابن الزبير بن العوام، مما وصله المؤلف في كتاب (الشروط) [في باب (الشروط] في الجهاد) (عن المِسْوَر)؛ بكسر الميم، وسكون السين المهملة، وفتح الواو، وهو ابن مَخْرَمة -بفتح الميم، وسكون الخاء المعجمة، وفتح الرَّاء- الزهري، ابن بنت عبد الرحمن بن عوف، قُبِضَ النبي الأعظم ﵇ وهو ابن ثمان سنين، وصح سماعه منه، فهو صحابي صغير، فأصابه حجر من أحجار المنجنيق وهو يصلي في الحِجر، فمكث خمسة أيام، ثم مات زمن محاصرة الحجاج مكة سنة أربع وستين، والألف واللام فيه كالألف واللام في (الحارث) يجوز إثباتهما ويجوز نزعهما، وهو في الحالتين علَمٌ، كذا في «عمدة القاري» (وغيره) عطف على (المِسْوَر)، والمراد بالغير: هو مروان بن الحكم، كما صرَّح به المؤلف في هذا الحديث المطول في (الجهاد)، وقول الكرماني: (ولا يضر الإبهام؛ لأنَّ الغالب أن عروة لا يروي إلا عن عدلوأيضًاذكر المتابعة فيغتفر فيها الجهالة (^٣» قد رده في «عمدة القاري»: (بأن هذا غير وارد من أصله؛ لأنَّ هذا التعليق أخرجه المؤلف موصولًا، وبين فيه أن المراد من قوله: «وغيره» مروان، فإذا سقط السؤال؛ فلا حاجة إلى الجواب) انتهى.
وجملة: (يصدق كل واحد منهما)؛ أي: من المِسْوَر ومروان (صاحبه)؛ أي: كل واحد منهما يوافق الآخر على ما حدَّث به؛ حال من (المِسْوَر وغيره) لا أنه مقول ابن شهاب، كما زعمه الكرماني، كذا نبه عليه في «عمدة القاري».
والحاصل: أن قوله: (وقال عروة:...) إلخ: تعليق، وأن ضمير (منهما) عائد إلى المِسْوَر
(^١) في الأصل: (أخذ). (^٢) في الأصل: (للتكليف)، ولعل المثبت هو الصواب. (^٣) في الأصل: (للجهالة)، ولعل المثبت هو الصواب. (باب)؛ بالتنوين، بلا ترجمة ثابت في رواية المستملي، ساقط في رواية الباقين وهو الأولى؛ لمناسبة حديثه للباب السابق من غير فصل بينه وبين سابقه، ولهذا تركه في «عمدة القاري»؛ لظهور وجهه.
1 / 81