فهذا يدل على أنه مَا حَرَّمَهُ النَّبِيُّ ﵌ قد يجوز لمن يُتَرَخَّصَ فِيهِ لِمَنْ شَاءَ عَلَى حَسَبِ الْعِلَّةِ وَالْعُذْرِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَخَّصَ فِيمَا حَظَرَ اللَّهُ إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أطلقه الله.
ومثل الْمُحَرَّمِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﵌ سُنَّتُهُ الَّتِي سَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ صَلَوَاتِ الْفَرْضِ وَالْوِتْرِ وَالْعُمْرَةِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَلَيْسَ كَوُجُوبِ الْفَرَائِضِ نَفْسِهَا وَلَا يُحْكَمُ عَلَى تَارِكِهِ عَامِدًا بِمَا يُحْكَمُ به على تارك الفرائض عامدا.
وبعد الْمُحَرَّمِ بِالسُّنَّةِ شَيْءٌ نَهَى رَسُولُ الله ﵌ عَنْهُ وَأَمَرَ بِهِ عَلَى جِهَةِ التَّأْدِيبِ فَالْعَمَلُ بِهِ فَضِيلَةٌ وَمَثُوبَةٌ وَلَيْسَ عَلَى تَارِكِهِ عُقُوبَةٌ كَأَمْرِهِ بالتلحي ونهيه عن الامتعاط وَكَنَهْيِهِ عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ وَعَنْ كسب الحجام وهذا ليس ما حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا مِمَّا حرم رَسُولَ اللَّهِ ﵌.
والأشربة بهذا السبيل ما حداه الْخَمْرُ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا حُرِّمَتِ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ولحم الخنزير لا يَحِلُّ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ حَتَّى تَفْسُدَ وَيُفَارِقَهَا الْعَرَضُ الَّذِي حرمها.
والخمر نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فهو ما غلا مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ مِنْ غَيْرِ أن تصيبه النار