بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
الحمد لله مقلِّب الأبصار البصائر، المنزه عن الأشباه والأمثال والنظائر، الذي كلُّ شيء منه كائن وإليه صائر، الذي أنشأ الأرض مهدًا ورفع السماء بلا قواعد، ووسع كل شيء علمًا، فعنده علم النوازل والصواعد، أحكم الشرع الحنيف وأتم دينه بخير المقاصد، ونصلي ونسلم على من أوتي جوامع الكلم، ومجامع الحكم، وكشف الله بنور هديه الظُّلَم، ورفع بهدي نوره الغُمَم، وأتم ببركة رسالته النِّعَم، وأزال بإرسال بركته النِّقم، وأكمل ببلاغِهِ دين خير الأمم، سيدنا محمد بن عبد الله خاتم المرسلين، ورحمة الله للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن علم قواعد الفقه الإسلامي علمٌ ذو خطر في أهميته ولزومه لعلم الفقه، وهو علم يطلع الناظرين على خطر الفقه الإسلامي ورسوخه وعلو مكانته، فإن الشيء لا يؤسس على قواعد متينة إلا إذا كان راسخًا في ذاته شامخًا في بنيانه؛ من هنا أتى اهتمام محققي المذاهب الأربعة وحرصهم على أن يردوا مذاهبهم إلى قواعد كلية وضوابط عامة تلم شتات الفروع وتضبط منثورها، وتسهل على الفقيه استحضار الحكم الفرعي؛ إذ من الصعب أن يكون حافظًا لكل فروع مذهبه، ولكن استحضاره للقاعدة ييسر له ذلك كثيرًا.
كما أن اطلاع المجتهد والمفتي والمشتغل بالفقه على القواعد الكلية للفقه يعصم أحكامه واستنباطه من الوقوع في التناقض والاضطراب، فإن من سار على
1 / 5