وأما هيكاتي فربة غريبة، هي تيتانة استعادت سلطتها بعد أن قبض جوبيتر على زمام حكم العالم، وكرمها جميع الآلهة. وقد ساعدت كيريس في البحث عن بروسربينا. وبقيت مع ملكه هاديس، وهي التي ترسل جميع الشياطين والأشباح المخيفة من العالم السفلي إلى أرض الأحياء. كانت ربة السحر والعرافة، ويعلن عن قدومها بنباح الكلاب أو هريرها، وهي تشخيص مرعب لظلام الليل، كما كانت ديانا ربة نور القمر المتألق الجميل.
وأما سومنوس (هوبنوس الإغريقي) الذي وصفنا قصره في الباب السابق فهو إله النوم، ويمسك في يده ثمرة خشخاش النسيان، أو بوقا تتساقط منه قطرات النوم، وأخوه التوءم هومورس (ثاناتوس الإغريقي) أو الموت. وكثيرا ما يصور هذا هيئة شاب هادئ مفكر ذي أجنحة، يقف إلى جانب قدر جنائزية مزينة بإكليل جنائزي، ويمسك في يده مشعلا مطفأ. وأما مورفيوس فهو حارس الأحلام التي يحتفظ بها محبوسة في قصره، كان يرسل الأحلام الخاملة والخداعة من الباب العاجي لقصره، وأما الأحلام التنبؤية وذوات المعنى فيرسلها من الباب القرني.
سكان تارتاروس
يقيم التيتان الذين شنوا الحرب ضد جوبيتر، وهزموا في خلجان تارتاروس البعيدة الغور، وفي أعمق مناطقه، كما يعيش هناك في عذاب دائم أولئك الذين عاقبهم الآلهة، ومن بينهم تانتالوس، وإكسيون، وسيسيفوس، والداناييد.
كان تانتالوس إبان حياته ملكا حبته الآلهة بكثير من النعم، ولكنه رغم هذا اقترف كثيرا من الجرائم، لدرجة أنه قتل ابنه هو نفسه. فلما مات حكم عليه بعقاب لا ينتهي، وجد نفسه واقفا وسط الماء الرائق الذي يكاد يصل إلى ذقنه، وتتدلى فوق رأسه مباشرة أغصان جميع صنوف أشجار الفاكهة، ذوات الثمار الناضحة المغرية. ورغم هذا حكم عليه بالجوع والعطش الدائمين، يحاول دائما أن يرتشف الماء، الذي ما إن يقرب فمه منه، حتى ينحسر، فلا يجد قطرة يروي بها شفتيه اللاهثتين، وإذا أراد أن يسد جوعه ومد يده إلى تلك القطوف الدانية، ابتعدت الأغصان عن متناول يده، وهكذا يظل ظمآن جائعا.
قتل إكسيون حماه؛ كيلا يقدم هدايا الزواج التي جرت العادة على تقديمها في ذلك العصر. وعلاوة على ذلك أبدى احتقارا للآلهة، فربط بالسلاسل في تارتاروس إلى عجلة تتدحرج إلى الأبد في طريق غير منتهية.
شجع سيسيفوس ملك كورنثة التجارة والملاحة، ولكنه اتصف بالجشع والغش. فعوقب عند موته بأن يدحرج كتلة ضخمة من الرخام إلى أعلى تل، فإذا ما بلغ بها القمة بعد تعب مرير، تدحرجت ثانية إلى أسفل عند سفح التل، وعندئذ يعود ليدحرجها إلى أعلى من جديد، وهكذا دواليك.
أما الداناييد؛ فهن بنات داناوس ملك أرجوس اللواتي قتلت كل منهن زوجها في ليلة العرس بتحريض من داناوس. فلما ماتت أولئك النسوة، عوقبن في هاديس بأن يحملن الماء في غربال، وبذا يكون عملهن عديم الجدوى ومستمرا إلى الأبد.
جزر المباركين
كانت إلوسيوم نوعا من الفردوس جاء إليها نوع من البشر المحظوظين، فهي أرض ضوء الشمس الدائم والمريح «لا يسقط فيها برد ولا مطر أو ثلج، ولا تهب الرياح عليها بصوت مرتفع». يرقد الأبطال والشعراء المنشدون في مراعيها الدائمة الإزهار والأريج العطر، في هناء تام، أو يتجولون في سعادة دائمة.
ناپیژندل شوی مخ