ما إن أتم أبولو كلامه، حتى انبثقت من الأرض زهرة رقيقة أرجوانية اللون تشبه الزنبق، وقد نقش على وريقاتها التويجية الكلمتان «الويل، الويل»، فأطلق الإغريق على هذه الزهرة اسم هواكنث، وهي زهرة الخزامي، ولكنها تسمى اليوم «إيريس» أي زهرة السوسن؛ تكريما لإيريس ربة قوس قزح.
أبولو وماربيسا
رفضت الفتاة ماربيسا، ابنة الملك إيفينوس، «حب أبولو»، وقد اتصف أبوها بالأنانية، فأراد أن يبقيها معه طول حياته دون أن يزوجها لأي رجل، رغم أنها كانت على قدر عظيم من الفتنة والجمال، ولها كثير من العشاق. وأخيرا ضاقت حلقة المنافسة بين أولئك المعجبين بها إلى اثنين فقط هما: إيداس، ذلك الشاب النبيل والشجاع، ذو القسمات الحلوة، والرب العظيم أبولو. وكانت ماربيسا تفضل منهما إيداس، الذي ألح على والدها في أن يزوجه إياها، بيد أن إيفينوس رفض طلبه في غضب، وهدده بالقتل إن عاد إليه مرة أخرى.
يئس إيداس من الحصول على ماربيسا كزوجة، إلا أن نبتيون هب إلى نجدته في تلك اللحظة. فقدم إله البحر إلى إيداس عربة عجيبة شدت إليها، ليس أسرع الجياد الموجود على سطح الأرض فحسب، بل وزودها بزوج من الأجنحة لتزيد في سرعتها أيضا. انتظر إيداس في تلك العربة بجانب البئر التي اعتادت ماربيسا أن تأخذ منها الماء لأسرتها، فلما جاءت أغراها على أن تهرب معه. وما إن صعدت إلى جانبه، حتى انطلقت العربة تسابق الريح، فطار النبأ إلى إيفينوس بما حدث، فركب عربته وهو غاضب أشد الغضب، وخرج من فوره يطاردهما، ولكن عبثا حاول؛ إذ كان إيداس وماربيسا بعيدين عن متناول يده.
غير أن أبولو لم يقبل أن يحظى إيداس بيد ماربيسا بمثل هذه السهولة، فظهر أمام العربة المسرعة، وأمسك بأعنة الخيل، وأمر إيداس في غطرسة بأن يتنازل له عن هذه الفتاة. ورغم أن إيداس كان يعلم يقينا أن حتفه مؤكد، فقد استعد لأن يقاتل من أجلها حتى الموت. ومرة ثانية خف نبتيون إلى مساعدته، فبينما كان جالسا إلى جانب جوبيتر في أوليمبوس الشاهق، توسل إلى ملك الآلهة والبشر أن يقيم العدل في تلك المنافسة غير المتعادلة. وعلى هذا سمع قصف الرعد يزلزل الجو في نفس اللحظة التي تكلم فيها أبولو.
سمع أبولو هزيم الرعد، فانحنى إلى الأرض، وارتجف ذعرا ووجلا؛ لأنه أدرك علامة جوبيتر. وبعدها جاء صوت جوبيتر نفسه يأمره بقوله: «دع الفتاة تقرر بنفسها بمن تتزوج.»
وهكذا ترافع العاشقان أمام الفتاة: العاشق البشري والإله. فوعدها أبولو بالسعادة الدائمة والعلم بالماضي والحاضر والمستقبل، وأن يكون بمقدورها منح البركة أو اللعنة للبشر، وأن ترفع من تشاء وتسقط من تريد. ثم جاء دور إيداس، فقال في ذلة بالغة إنه لا يستطيع أن يقدم لها أي شيء غير الحب، ولا يمكنه أن يطلب شيئا سوى الشفقة على شخص يعتبر جمالها بالنسبة له نور الدنيا كلها.
وبينما كان إيداس يتكلم، مدت ماربيسا إليه يدها، وقالت: «وقع اختياري على إيداس؛ لأنني وإياه سنشيخ معا، وسأظل أحبه ويحبني حتى نبلغ من الكبر عتيا. أما أبولو فسيأتي وقت يملني فيه، أنا الإنسانة الذابلة.»
أحنى أبولو رأسه احتراما لقرارها، ورجع إلى مساكن أوليمبوس غير غاضب، بل حزينا. بينما سار إيداس وماربيسا معا ترافقهما السعادة والفرحة.
فايثون وأيسكولابيوس
ناپیژندل شوی مخ