لم تأسف أتالانتا بحال ما على أن تكون زوجة هيبومينيس ، غير أن قدرها لا بد أن ينفذ؛ فقد نسي كلا الحبيبين تقديم فروض الشكر لفينوس التي كانت السبب في انتصار هيبومينيس. ولذلك غضبت هذه الربة؛ لنسيانهما فضلها، وحولتهما إلى وحشين. حولت هيبومينيس إلى أسد، وأتالانتا إلى لبؤة، وجعلتهما يجران عربة الربة ريا (المسماة أيضا كوبيلي).
جالاتيا وبيجماليون
كان يحكم جزيرة قبرص ملك اسمه بيجماليون، لم يكن حكيما فحسب، بل ونحاتا بارعا أيضا. غير أن به رغم هذا طبعا غريبا؛ إذ كان لا يثق بالنساء إطلاقا، وأعلن أنه يعتزم ألا يتزوج طول حياته.
وذات مرة كان بيجماليون ينحت تمثالا من العاج في صورة عذراء، وظل يعمل فيه يوما بعد يوم، والتمثال يزيد جمالا فوق جمال. صب بيجماليون في ذلك التمثال كل أحلامه، وعبر فيه عن جميع مثله العليا، فأعجب هو نفسه بذلك التمثال، واستمر يضيف إليه اللمسات هنا وهناك؛ ليزيد في بهائه حتى آلمته عيناه، وخيم على مرسمه ظلام حالك، فأطلق على هذا التمثال اسم «جالاتيا».
وأخيرا تم التمثال، ولشد ما أدهش بيجماليون أنه هو نفسه لا يهدأ له بال بعيدا عن أروع ما نحتت يداه. وسواء رغب أو لم يرغب، كان يجد نفسه دائما في الحجرة الجميلة التي وضع بها ذلك التمثال، ويجد عينيه تديمان النظر إليه. وذات يوم، استيقظ بيجماليون ليدرك الحقيقة الواضحة؛ كان يعشق التمثال الذي صنعه.
بعد ذلك بوقت قصير احتفلت قبرص كلها بعيد الربة فينوس، فوقف بيجماليون بخشوع أمام مذبح هذه الربة، وخاطبها يذكرها باحترامه إياها وإخلاصه لمعبدها، وطلب منها أن تمنحه أمنية واحدة: أن يتخذ التمثال جالاتيا لحما وحياة.
فلما رجع بيجماليون إلى بيته في تلك الليلة، سار بخطى وئيدة إلى الحجرة التي بها التمثال، وكم كانت دهشته بالغة عندما وجد إكليلا من الزهور العطرة، حول عنق التمثال! فأدرك على الفور أن هذه بشرى طيبة؛ إذ لم يسمح لأي فرد سواه بدخول تلك الحجرة. وبينما هو واقف مبهوتا رأى مسحة من الحمرة الرقيقة تنتشر في العاج الأبيض المصنوع منه ذلك التمثال، ثم بدا النبض الهادئ في جبهة التمثال ومعصميه، وتحرك بطيء في الركبتين والرأس. فتقدم بيجماليون مترددا يلمس يد جالاتيا، وبينما هو يفعل ذلك التفت أصابعها حول أصابعه، وتحركت إلى الأمام، ونزلت عن قاعدتها التي كانت واقفة عليها.
صاح بيجماليون يقول: «جالاتيا!» وهي تتقدم في نفس اللحظة نحوه مبتسمة، ليحتضنها بين ذراعيه.
باركت فينوس زواج بيجماليون وجالاتيا. ومن اتحادهما أنجبا طفلا اسمه بافوس، أسس مدينة سميت باسمه، تقع في أقصى نقطة غرب جزيرة قبرص، وكرسها لربة الحب.
هيرو ولياندر
ناپیژندل شوی مخ