الكمبيوتر الذي كان مرسوما على غلاف المجلة الأمريكية نهاية 2006، لم يلبث أن تعددت شاشاته، ليصبح «لاب توب»، و«تابلت»، و«تليفون محمول»، و«جهاز ألعاب أون لاين»، و«تليفزيون متصل بالإنترنت»، وأخيرا «غوغل غلاس»، وما زلنا في انتظار «غير ووتش»، وغيرها ممن يجمع كل حركات وسكنات من يستخدمها.
لم يعد من يستخدم هذا الكمبيوتر هو شخصية العام، بعد أن سقط في عبودية زمن المعلومات، وأصبح مجرد رقم في منظومة كبيرة، تتعامل مع الملايين، تجمع البيانات، وتحلل، تقوم بعمل الجواسيس القدامى، لكن هذه المرة من مكان بعيد، من خلف الكمبيوتر الضخم، حيث الصوت العميق القادم من «الأخ الكبير»، الآمر الناهي الساخر العالم ببواطن الأمور، المفتوحة عيناه على اتساعهما، شخصية العام، وكل عام.
عيون ناقصة
الوقت يقترب من منتصف الليل، فيما الميكروباص يشق شارع فيصل، أغنية لا أفهمها تفجر الكاسيت، تتحدث عن العبد والشيطان، أواصل انكفائي على كتاب في يدي قد يقطع ملل الطريق، فيما صوت السائق يردد متصاعدا: الأستاذ أبو نضارة.
انتبهت فجأة إلى الصوت الذي تكرر، أتلفت، كانت السيارة خالية إلا مني، لم أهتم كثيرا بصوت السائق الذي تابع:
سلامة السمع، الآخر يا أستاذ.
فقط انتبهت إلى أنني «الأستاذ أبو نضارة».
كان قد مر عام تقريبا منذ ارتديت نظارة طبية لأول مرة في حياتي، لكنها كانت المرة الأولى التي يناديني فيها أحد بهذا اللقب «أبو نضارة»، وألتفت إلى أن الأمر يلفت اهتمام الناس إلى هذا الحد.
ما قاله الرجل كان طبيعيا، غير الطبيعي كان هو اهتمامي المبالغ، لدرجة أن أعود إلى المنزل وأنظر إلى نفسي في المرآة: هل أنا بنظارة فعلا؟
حين ذهبت لطبيب العيون للمرة الأولى، بعد ألم طال طويلا، وزغللة في العينين، قال لي: «المفروض كنت لبست نضارة من زمان.»
ناپیژندل شوی مخ