فارتمى الرجل على قدميه وقال: «أطلب إليك يا سيدي أن تقول لي من أنت؟ فإني أشعر بوطأة فضلك علي وأحب أن أعرفك؟»
فقال: «ومن أنت؟» قال: «أنا مرقس القبطي، وأنت الذي أنقذت ابنة عمي من القتل، فإنها بعد أن وصلنا إلى البيت وحكت لنا حكاية نجاتها لم أستطع صبرا على جهلي من أنت، فتعقبتك لكي أراك على نور النهار، فإذا أنت ملثم فلم أعرفك، ولكني أتهيب لباسك، وأخاف هذا الجواد.» قال: «وهل تعرف جواد من هذا؟» قال: «نعم أعرف، إنه جواد البطل أركاديوس بن الأعيرج.»
فقال: «فاعلم إذن أني من أصحاب أركاديوس، وكفى.»
قال: «نعم يا سيدي، ولكني أشعر بعظيم فضلك علي، ولا أدري كيف أكافئك؟»
قال: «لم أعمل ما عملت التماسا للمكافأة؛ لأن لي من فضل سيدي أركاديوس ما يغنيني عن ذلك.»
قال: «نعم يا سيدي إن فضله علينا وعلي أنا بالتخصيص.» قال: «وكيف اختصصت نفسك بفضله.» قال: «إنه أنقذ خطيبتي من القتل مرة قبل هذه يوم ساقوها إلى النيل.»
قال: «وكيف تقول خطيبتك أن أرمانوسة هي التي أنقذتها؟» قال: «نعم هي التي أنقذتها ولكن بوساطته.» قال: «لم أفهم مرادك، فأفهمني كيف أنقذتها هي بعون أركاديوس ولا وصول لها إليه؟»
فارتبك مرقس في أمره، وندم على ما فرط منه، وخاف أن يكون فيما قاله ما تؤاخذ عليه أرمانوسة، وكان قد تعجب يوم تناول الأمر من أرمانوسة مختوما بخاتم أركاديوس، ولم يعلم كيف توصلت هي إليه بتلك السرعة، مع علمه أن أركاديوس كان في الحصن إذ ذاك، وكان يظن أن أرمانوسة اصطنعت خاتم أركاديوس تزويرا، فلاح له أن في التصريح بأمر ذلك الكتاب خطرا، فلم يجب.
فقال له أركاديوس: «ما بالك لا تجيب، وقد قلت إنك تشعر بفضلي عليك؟» فظهر عليه الارتباك ولم يجب.
فقال له أركاديوس: «أتدعي الإخلاص وأنت تتردد في إطلاعي على الحقيقة؟ أهذا جزاء الخير؟»
ناپیژندل شوی مخ