قال: «أصدقك الخبر، إنني أنا مرقس، ولكن أين رأيتني؟»
قال: «رأيتك وقد جئت بيت يحيى النحوي الإسكندري بعد انحيازه لجماعة اليعاقبة مع سيدك المقوقس، ألا تذكر ذلك؟»
قال: «نعم أذكر ذلك جيدا، فأنت إذن زياد العربي.»
قال: «نعم أنا هو زياد فلا تخف، هل جئت هذا المعسكر تتجسس حال العرب؟»
قال: «لا والله، إنما ساقتني إليه الأقدار عن غير قصد مني، وأنت ما الذي جاء بك إلى هذا المكان؟ هل تأذن لي بالسؤال عن ذلك.»
قال: «أما مجيئي إلى هذا المكان فقد كان لمهمة لا أخفيها عليك؛ فإني لا أخافك؛ فقد آنست فيك إخلاصا.»
قال: «لقد أصبت، وإني أعد نفسي سعيدا لاجتماعي بك، وقد رأيتك بالأمس وآنست فيك خيرا، وكنت مهتما باستطلاع حالك مذ كنت جالسا على الأكمة خارج المعسكر مساء الأمس وبيدك الرق، فأفصح ولا تخف.»
قال زياد: «ليس يخفى عليك أن وجودي في الإسكندرية كان محض اتفاق؛ إذ يندر أن ترى عربيا في بلادكم، وأما قصتي فسأقصها عليك على انفراد لئلا يسمعنا جند الروم نتكلم بالقبطية فيشوا بنا، والأفضل تأجيل حكايتي إلى المساء.»
قال: «حسنا فلنتكلم الآن بالرومية، فإني أريد الاستفهام عن بعض ما أشاهده في هذا الجيش، وقد عجبت لحال هذا الأمير وسرني ما أرى في وجهه من الصباحة وما يتجلى في محياه من الشجاعة والشهامة، لا عجب إذا ساد العرب الدنيا بأجمعها إذا كانت هذه حالهم، وهل عرفت شيئا عن حال يوقنا؛ فإني أراه روميا ولكنه يلبس العمامة ويتزيا بزي العرب، وهذا جنده في لباس الروم!»
فتبسم زياد كأنه يفتخر بجنس العرب وقال: «إن العرب أهل شهامة وإقدام وشجاعة، ولا غرو إذا فتحوا الأمصار وأخضعوا الملوك؛ انظر إلى ابن العاص فإنه من خاصة رجالهم، وأنا أعرفه منذ كان جاهليا، وهو يعرفني جيدا، ولعله إذا رآني الآن يناديني باسمي ويرحب بي ويجلسني إلى جانبه، ولكني لا أريد أن يكون ذلك بمشهد من الناس؛ إكراما لمن أرسلني؛ لأنه يود أن تكون رسالته سرية.»
ناپیژندل شوی مخ