الفصل الثاني عشر
فتح الحصن
بقي الحصن محاصرا والعرب معسكرون حوله سبعة أشهر، جاءهم في أثنائها مدد من الخليفة عمر بن الخطاب مؤلف من أربعة آلاف رجل، فصارت قوة العرب ثمانية آلاف، وفيهم جماعة من نخبة قواد الإسلام.
وقد مضت الأشهر السبعة وأركاديوس على مثل الجمر تشوقا لأرمانوسة. لأن الاتصال كاد أن يكون منقطعا بينهما، فمل الاصطبار، وتاقت نفسه إلى لقياها، وطارت روحه شعاعا إلى مقرها.
ففي ليلة من ليالي الشهر السابع كان أركاديوس في حجرته، وقد أعد فراشه التماسا للرقاد، لعله يرى طيف حبيبته في منامه، وتوسد الفراش، ولم يكد يفعل حتى جاءه أحد الحرس ينبئه بمجيء مرقس فاختلج قلبه في صدره، توقعا لأن يكون قادما برسالة من أرمانوسة، فأذن له، فدخل وسلم، فقال له: «ما وراءك يا مرقس؟» فقال: «ما ورائي إلا الخير.» قال: «قل.» فدفع إليه رقا ففضه، فإذا هو من أرمانوسة تقول فيه:
من أرمانوسة إلى حبيبها أركاديوس. أما بعد فإذا كانت أرمانوسة لا تزال تخطر في خاطرك، أو ما برحت حياتها تهمك، فأسرع إليها بمنف عند وصول هذا إليك، والسلام.
فلم يكد يتلو الكتاب حتى تغير لونه، وانقبضت نفسه خوفا على أرمانوسة، وقال لمرقس: «هل جئت بهذا الكتاب منها، أم هي أرسلته إليك مع رسول؟» قال: «بل أرسلته مع رسول دفعه إلي وكر راجعا.»
فقال: «إنها تدعوني فيه لأذهب على جناح السرعة، ولكنها لم تذكر سبب هذه الدعوة.»
قال: «خيرا إن شاء الله، فهل أزمعت الذهاب؟»
قال: «لا بد من ذلك، ولكن كيف أترك الحصن ونحن محاصرون، والعرب محدقون بنا من كل جانب؟»
ناپیژندل شوی مخ