وتنحنح فرج وقال: إن العرب كالجمال لهم معدتان.
وأكد رجل من الذين انتفخت محافظهم إن العربي سينفجر بعد قليل ويموت، وأنهم لا ريب سيعثرون عليه بعد يوم أو يومين طافيا فوق ماء الترعة، أو مكوما تحت الكوبري.
وكثرت الأقاويل، وبعدت التخمينات والتفسيرات، وكادت تنشب معركة.
أما الرجل فقد مشى في الطريق، وبدايات المغص تلوي أحشاءه وكل ما يهمه أنه تغذى، وسكتت عنه ولو هنيهة مسامير الجوع، وليكن بعد ذلك ما يكون.
5 ساعات
كنت أجلس على المقعد ذي المسند العالي، وأمامي المكتب المتهالك، وقد ملأه الأطباء الذين عملوا قبلي بأسمائهم التي حفروها عليه، والحجرة قديمة قدم القصر العيني، وكل شيء فيها قد رأيته مرات ومرات حتى ارتويت. كل شيء حتى بقايا القطن والشاش والدماء الجافة المتناثرة فوق الأرض، والترمومتر المكسور الذي وارته الممرضة لتوها في ركن الغرفة، كل شيء حتى الأنات الصادرة من الكمساري الراقد هناك، وقد انتهيت من إعطائه حقنة لم تستطع بعد أن تخدر المارد الجبار الذي كان يعتصر كليته.
وفجأة دق جرس الإسعاف.
دق في قصر مرتفع مبتور.
ولهذا الدق عند كل الناس معنى، معنى يحمل في طياته رهبة تشرخ قلوبهم، ورعشة تنتفض لها أعصابهم، فإنه يعني إنسانا يموت أو سيموت. أما عند الأطباء فإنه يحمل في طياته عملا، ويبعث في تفكيرهم بالخيط وقد لضم في الإبرة، والجلد وقد تعقم، ورائحة المخدر وقد تصاعدت مختلطة برائحة صبغة اليود، وحشرجة إنسان يتعذب.
ودق الجرس مرة ثانية.
ناپیژندل شوی مخ