122

ارخص شپې

أرخص ليالي

ژانرونه

كانوا يضحكون أول الأمر وهم فقط يقلدون من يضحكون.

ثم يحسون أن ما هم فيه يستحق الضحك فعلا فيضحكون.

ثم يرون أن ما أمامهم فرصة ينعمون فيها بضحك لا ثمن له، وهم ما اعتادوا أمثال تلك الفرص، فيضحكون لحاضرهم ويختزنون ضحكات أخرى للمستقبل.

ثم كانوا يتذكرون ما قاسوه في النهار، وما سوف يبذلونه في الغد المقبل، فيتشبثون بما هم فيه من ساعة أنس، ويضحكون ويغصبون على أنفسهم، ويضحكون أكثر وأكثر.

ولا يدوم هذا إلى الأبد.

فسرعان ما يمسح عجوز منهم الدمعة الضاحكة عن عينه، ويقول بصوت فيه رنة ندم، وكأنه اقترف إثما: اللهم اجعله خير يا ولاد. •••

وفي لحظة من لحظات السكوت نادى واحد وطلب شايا لعوف.

وأحس الموجودون كلهم أنهم غفلوا عن شيء خطير، وأنهم أخطئوا في حق الرجل، وقد منعهم الهرج من القيام بالواجب؛ ولذلك راحوا يتنافسون، وكل منهم يصر أن شاي عوف سيكون على حسابه. وعوف قد جلس جلسته المتربعة المؤدبة الخجلة يتمتم من بين شفتيه الوادعتين: خلي عنكو يا رجالة، خلي عنكو.

ولكن الرجال لم يخلوا عنهم، بل وطلب كل منهم لنفسه طلبا، وكأنهم يجلسون في أحسن قهوة، والمكان ما كان حتى غرزة، وإنما هو فضاء صغير تحده البيوت الداكنة المنخفضة، وفي وسطه حفرة، فيها نار، وعلى النار براد كبير، رأى صاحبه أن يجلس، ويضحك، وأيضا يعمل، فكان يصنع لهم القهوة والشاي، ويرص لهم الكراسي.

وسرعان ما وزعت الأكواب على الذي معه، والذي ليس معه، فما كان لحظتها مهما من الذي يدفع، وقد أصبح ما في جيب كل منهم ليس هو محط تفكيره وبؤرة اهتمامه، ولكن أصبح ما في الجيب آخر ما يفكر فيه، وإخراجه أسهل، والندم الذي يعقبه أقل وأوهى.

ناپیژندل شوی مخ