120

ارخص شپې

أرخص ليالي

ژانرونه

وأخيرا جلس، بينما تنحى أناس، واعتدل آخرون، وامتدت أذرع تصلح أوضاع الجالسين، وتوسع الحلقة.

وتلاقت العيون والأسئلة كلها عليه، وقد تربع ووضع قبضتيه متلاصقتين في حجره كما اعتاد أن يفعل ، ولمعت بشرته السمراء والابتسامة ما زالت تتردد قبل ظهورها على ملامحه.

كانوا يودون سؤاله مثلا إن كان قد وجد عملا. وآخر عمل كان يقوم به عوف كان مع تجار البهائم؛ إذ كان عليه أن يوصل بضاعتهم من المواشي إلى الأسواق قبل الفجر، وحين ينفض السوق يعود بما بقي دون بيع، وما جد بالشراء، وكان لا يعود قبل حلول الظلام. وانتهى موسم التجارة، ووقفت سوق البهائم، وأصبح عوف مرة أخرى بلا عمل.

وكانوا يودون سؤاله أيضا أين كان طيلة ما بعد العشاء؛ إذ لا ريب أنهم كانوا لا يعرفون كيلة إلا ذرة، وما جرته عليه من مصائب، ولا ما أجبرته عليه من سؤال وهمس وإلحاف.

وما استمر السكون الذي صنعه قدوم عوف طويلا؛ إذ سرعان ما رفع رأسه، وحدق فيهم جميعا دون أن ينطق حرفا، وأدار رقبته، وشمشم بطاقتي أنفه، وتابع الموجودون حركاته وهم صامتون يخمنون ويستعدون. وظل عوف برهة يحاور عيونهم ويلاعبها، ثم جعل ابتسامته تضحك ضحكتها القصيرة الخاطفة، وأتبعها بقوله، وكأنه يستنكر: واللا هاو آريو يا رجاله!

وانفجر الجمع ضاحكا.

ولم تتحمل الصدور ما فيها من ضحكات، فسعلت، وضحكت، ثم سعلت. واستلقى بعضهم على ظهره ليضحك أكثر، وانثنى البعض حتى لاصق وجهه الأرض وهو يضرب بيده على فخذه، وقد تشنج ضاحكا.

لم يكن ما قاله عوف يستحق كل هذا الانفجار، بل ما كان قوله غريبا على أسماعهم، ولكنهم كان يكفي أن يروه أو يسمعوه، أو حتى تأتي سيرته، لتنساب منهم الضحكات. كان هو التميمة القادرة دائما على فتح أفواههم، وقد سمرها طول النهار.

ولم تكد الموجة الأولى تنحسر، ويبدأ الضحك يتحول إلى همس ضاحك، حتى قال عوف بصوته الذي فيه بحة رنانة يذوبون فيها: كيلة الدرة يا ولاد!

ودون أن يعرفوا ما هي الحكاية قهقهوا بكل ما يملكون من صدور.

ناپیژندل شوی مخ