وأكل عبد اللطيف حتى ملأ بطنه، ثم تهور واشتري بطيخة.
وفي الليل لم يسمع لامرأته زعيق، ولا نصبت الزفة، وإنما دار بينهم همس كحديث الحبايب.
وانتهى الأسبوع، وقبل أن ينتهي كان عبده قد صرف كل ما أخذ.
وفي الميعاد ذهب إلى المستشفى، ومد ذراعه، وأخذوا منه ما أخذوا، وأعطوه ما أعطوه، ولم ينسوا فأطعموه.
وارتاح عبده إلى العمل الجديد، فليس فيه إمارة معلم أو شخطة أوسطى ولا تمحيكة عسكري، وليس عليه إلا أن يذهب كل أسبوع إلى هذا المكان النظيف الذي كله أبيض في أبيض، ويعطيهم نصف لتر من دمه، ويناولونه الثمن، وتدبر امرأته عيشهم بما يأخذه، ويكون جسده قد دبر الدم، حتى إذا ما انتهى الأسبوع يعود ليعطيهم الدم ويناولونه النقود.
كان عمله «ألسطة»، وحساده كثيرين.
وكانت حال امرأته معه على كف عفريت، فحين يقبل وفي يده ما في يده تبسم له، وتكاد تزغرد، وحين ينام طيلة الأسبوع لا تدعه ينام، وإنما تحدثه عن رجليه الرفيعتين، ووجهه الذي يصفر، وتقص عليه في كلمات مبتورة عابرة، ما تقوله نساء «الحتة» عنه، وكيف عايرتها حميدة حين تشاجرت معها بزوجها الذي يبيع دمه. وأحيانا كانت تهدهد عليه وتشفق، وكأنها أمه، وتغطيه في الليل وتثقل في الغطاء ولا تجعله يتحرك من مكانه أثناء النهار، وإنما دائما بين يديه تلبي كل إشاراته، وكأنه طفل مريض.
وكان عبده يلمس هذا، ويشعر بالمرارة وهو يلمسه، ولكن ماذا يهم.
صحيح أنه كلما أخذوا منه الدم يدوخ وينام بجوار حائط المستشفى حتى العصر.
وصحيح أن الناس تتكلم، وكلام الناس كثير، ولكن المهم أن وابورهم والع، وإيجارهم مدفوع، والذي لا يعجبه هذا فليشرب من أوسع بحر.
ناپیژندل شوی مخ