فلا منفعة فى أن تكون العناصر فى النفس، إلا أن تكون فيما صوره الكائنة عنها عند تراكيبها. وإنما يعرف كل شىء مثله، فالعظم أو الانسان إذا ليس بشىء يعرف إلا أن يكونا فى النفس. ولسنا نحتاج فى أن هذا غيرممكن إلى كلام؛ فمن يراه يستجيز المسألة فى أن كان فى النفس حجرا أوإنسانا؟ وكذلك كان القول فى 〈الخير واللاخير، وفى〉 سائر ما هناك.
فلما كان الموجود الذى يسمى «هو» يقال بوجوه كثيرة (فمرة يدل على آنية الشىء وجوهره، ومرة على الكمية، ومرة على الكيفية، أو على أحد النعوت التى جزئت) طلنا أن نعلم: أمن جميعها النفس، أو ليست من جميعها؟ والاسطقسات ليست اسطقسات لجميع الأشياء. وان كانت أصناف الجواهر إنما هى من هذه العناصر وحدها، فكيف تعرف الجواهر من سائر الأشياء؟ أوإنما يقولون إن لكل جنس عنصرا 〈ومبادئ〉 أولية خاصة، وعن هذه الأوائل والعناصر تكون النفس؟ لا محالة، إن كان هذا هكذا، أن النفس كيفية، وكمية، وجوهر. إلا أنه لا يمكن الجوهر أن يكون من عناصر الكمية فتبطل الكمية. لأن هذا وغيره يعرض فى كلام من قال إن النفس مع جميع الاسطقسات. — ومن القبيح أن يقال إن المثل لا يألم من مثله، وإنما يعرف الشىء بمثله، وهم مقرون بأن الادراك بالحس تحرك وانفعال، وكذلك الادراك بالفهم والمعرفة.
مخ ۲۴