ارسټوکراسي: لنډه مقدمه
الأرستقراطية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
الفصل الرابع
الأثر والموروث
طالب الأرستقراطيون دوما باحترام الآخرين لهم بصفتهم نخبة تتمتع بالسلطة، وأيضا بوصفهم شراذم متبقية لديها ذكرى باهتة عما تمتعت به من سلطة سابقة. لقد توقعوا أن يعترف الآخرون بسمو مكانتهم صراحة. في العصور القديمة في الغرب - وحتى في العصور الأحدث في الدول المطبق فيها نظام الرقيق في أوروبا الشرقية - لم يكن النبلاء يترددون في معاملة الآخرين بالعنف إذا لم يظهروا احتراما لهم. وفي وقت ليس ببعيد في عام 1725م، أمر نبيل بلدة روهان بضرب فولتير في أحد شوارع باريس بسبب تعليق وقح. وعقب مرور خمسين عاما، علق رجل إنجليزي يرتحل في أيرلندا قائلا إن مالك الأرض الأيرلندي لا يرضى إلا «بخضوع مطلق، والاستهانة أو أي شيء يقترب من درجة الوقاحة قد يعاقب عليه إما بعصاه أو سوطه وهو مطمئن للغاية؛ فقد يتعرض الفقير إلى كسر عظامه إذا حاول رفع يده للدفاع عن نفسه.» في هذا الوقت كان مثل هذا السلوك يصدم مشاعر الإنجليز، لكن ظل الأرستقراطيون الإنجليز يتوقعون احتراما يعبر عن مكانتهم ممن هم أسفل منهم في المكانة الاجتماعية. وبعد عقد من الزمان قلب الثوار الفرنسيون هذا الاحترام رأسا على عقب، وجعلوا «الأرستقراطية» مصطلحا للإساءة السياسية كما جعلوا من النبلاء أشخاصا منبوذين لفترة قصيرة. وفي كل مكان آخر خارج فرنسا كان النبلاء يروعون ويرهبون. لم تستمر هذه النوبة طويلا، لكن ذكراها ظلت تلاحقهم طوال القرن التالي. ولم يحدث قط فيما بعد أن أصبح الاحترام لهم أمرا مسلما به تماما؛ فقد وجد دوما أناس على استعداد لإدانة الأرستقراطية دون خوف، وإذا أتيحت لهم الفرصة يجددون الهجمات التي ظهرت لأول مرة في فرنسا وقت الثورة. ومع هذا، ظل الاحترام اللاإرادي باقيا. فيصعب أن يكون الوضع بخلاف ذلك في قارة سيطر فيها النبلاء وأساليب حياتهم وقيمهم على الحكومة والمجتمع لفترة طويلة للغاية. (1) التابعون
كان الأرستقراطيون في ذروة مجدهم - بوصفهم مستهلكين أغنياء بارزين - مصدرا أساسيا دائما للحصول على وظائف. فلم يكن هناك بيت واحد للنبلاء - رغم تواضعه - يمكن إدارته دون خدم، وكان حجم الحاشية جزءا مهما من مظاهر الأرستقراطية. وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كان أصحاب النفوذ يسافرون ومعهم مرافقون للموكب وخدم يصل عددهم إلى مئات الأفراد، ويرتدون جميعهم زيا رسميا. وإذا كان مثل هذا النوع من التفاخر قد أصبح في القرون التالية أمرا فجا على ما يبدو، بل ويراه الملوك المتشككون أمرا يهددهم، فإن الأرستقراطيين لم يكن يتسنى لهم الاستمتاع الكامل بممارسة ميولهم وهواياتهم دون خدم شخصيين ووصيفات وكبار خدم وطهاة وعمال حدائق ومسئولين عن التشجير وحراس للطرائد وسائسين ومسئولين عن الصيد وسائقين للعربات وحمالين وعمال مهرة. وربما عينت المنازل الأضخم أمناء مكتبات (مثل توماس هوبز في منزل تشاتسوورث) أو عازفين (مثل جوزيف هايدن، مع أوركسترا لعزف أعماله، في بلدة أيزنشتات وقصر إسترهازي في القرن الثامن عشر). ولم يكن هناك إلا عدد قليل من الملابس المزخرفة التي يفضلها الأرستقراطيون بإمكانهم ارتداؤها دون مساعدة من الملبسين، وبالنسبة إلى بعض السادة المدللين كان من الممكن الاستعانة بكل الخدمات، حتى وإن كانت تتطلب جهدا بسيطا للغاية؛ فقد كان والد ألكسندر هيرزن، مؤسس الاشتراكية الروسية، يطالب حتى بأن تكون الصحف اليومية التي يقرؤها دافئة من أجل حماية أصابعه الرقيقة. وفي أماكن تركز النبلاء، مثلما الحال في البلاط الملكي، كانت الفئة الكبرى من السكان هي فئة الخدم؛ فقد عاش أكثر من 44 ألف شخص في فيرساي، وهي بلدة لم يكن بها مكان للعمل سوى البلاط، حتى عشية الثورة الفرنسية.
لم يتوقف نطاق سيطرة مئات من عائلات البلاط التي يخدمونها عند هذا الحد، فشعر معظمها بضرورة الحصول على منشأة في العاصمة القريبة. وفي هذه المنشآت دعمت مطالبهم كما كبيرا من صناعات سبل الرفاهية التي تمدهم باحتياجاتهم العصرية، بداية من المواد الغذائية اليومية وحتى الأثاث والملابس والتحف الزخرفية والحلي؛ فقد وفرت خمس أسر ممثلة لعائلات رجال البلاط خضعت مؤخرا للدراسة، عملا لنحو 1800 صانع وحرفي في أنحاء باريس في أواخر القرن الثامن عشر. وامتدت آثار صيحات البلاط حتى إلى أبعد من هذا. فعند إعلان الحداد على متوفى من أحد أعضاء الأسرة الحاكمة أو أحد الملوك الأجانب، كان البلاط يتشح بالسواد، وكانت صناعة الحرير الأساسية في ليون تتعرض لكساد مؤقت. ومن ثم، بطبيعة الحال، كان اندلاع ثورة مناهضة للأرستقراطيين يعني كارثة اقتصادية للصناع والحرفيين في أكبر مدينتين في فرنسا؛ وهما باريس ومارسيليا. وكان أحد دوافع نابليون العديدة لإقامة بلاط متألق من الأعيان ذوي الألقاب هو إعادة ازدهار صناعات الترف والكماليات. ومن ناحية أخرى، يأتي مصدر التقليد الفرنسي الراقي في تناول الطعام الفاخر من مطاعم أسسها طهاة عاطلون عن العمل عملوا لدى عائلات كبرى انحطت مكانتها بسبب اضطهاد الثورة.
على نطاق أصغر، في عواصم الأقاليم، أو في أماكن إقامة الأمراء الألمان الأقل مكانة، كان نظام الحياة يتبع احتياجات وأذواق النبلاء المحليين؛ فقد كان النبلاء دوما من أهم المتقاضين، وطالما حددت الإيقاعات الاقتصادية للمراكز القضائية عن طريق وصول مجموعة من الأعيان سنويا من أجل متابعة قضايا ترجع إلى أجيال سابقة. ربما لا يجلبون معهم حاشيات مثل تلك التي توجد لدى ذوي النفوذ الحضريين أو ما يتسمون به من نهم للترف، لكن لم يشك أحد قط فيما يصاحبهم من ثراء ورفاهية. وفي العصور السابقة على الثورة الصناعية أيضا كان النبلاء هم الرعاة الأساسيين لتعمير أو تشييد واسع النطاق أو تحسين لا نهائي لمنازلهم الريفية أو الحدائق أو المتنزهات المحيطة بها، فضلا عن منح مرافق مثل أماكن لإقامة أسواق أو بيوت للفقراء. كذلك شيدت العديد من أكثر المباني الكنسية روعة بفضل رعاية الأرستقراطيين، إما مباشرة أو عن طريق تحقيق طموحات الأساقفة أو رؤساء الأديرة أو الكهان النبلاء.
في الواقع، لم تحظ بالرفاهية الموجودة في البلاط والعواصم والكنائس الغالبية العظمى من النبلاء؛ مما زاد من كرههم وشكهم في النخبة الحاكمة الغنية في المراكز الحضرية. ومعظمهم استطاع تدبر أمره بمجموعة قليلة من الخدم أو بخادم واحد متعدد المهام، ولم تكن لديهم بدائل إلا أن يتركوا منازلهم الريفية التي تشبه القلاع تنهار من حولهم. وقد كانت حياتهم - كما وصفها معلق في أوائل القرن الثامن عشر (مركيز فرنسي يعيش في بلاط برلين) - «حياة صيد وضرب للفلاحين، وإنجاب أطفال من بنات المزارعين، واللجوء إلى القضاء ضد كهنة القرية بسبب بضعة حقوق شرفية، واحتساء الخمر مع المشرفين على ضيعاتهم في أيام الآحاد.» ومع هذا ظلوا يتوقعون احترام جيرانهم لهم، وإذا حدث وحصلوا على مال غير متوقع، كانت غريزتهم تدفعهم إلى إنفاقه على أنواع الأشياء العديمة القيمة نفسها التي ينفق عليها نظراؤهم الأكثر ثراء أموالهم. (2) آثار اقتصادية
أحد الأسئلة العديدة التي طرحها آدم سميث عام 1776م في كتابه «ثروة الأمم» يتعلق بما إذا كان إنفاق مثل هذا الكم من الدخل على المظاهر أمرا مثمرا. فكتب يقول:
في هذه البلدات، التي تدعمها في الأساس الإقامة المستمرة أو العرضية لأحد النبلاء، والتي يعيش فيها الناس الأقل رتبة في الأساس عن طريق إنفاق العوائد، يتسم هؤلاء الناس بوجه عام بالكسل والمجون والفقر ... إن كسل الجزء الأكبر من الناس الذين يعيشون على إنفاق العوائد من المحتمل أنه يفسد صناعة من يفترض بهم الحياة على توظيف رأس المال، ويجعل استثمار رأس المال في هذا المكان أقل نفعا من الأماكن الأخرى.
كان للقدوة أيضا تأثير؛ فعندما يطرح أغنى أعضاء المجتمع وأكثرهم سلطة ولفتا للأنظار فكرة احتقار التجارة والصناعة على اعتبار أنهما تقللان من شأنهم، فمن غير المحتمل أن يقدم أي شخص يحلم بالترقي اجتماعيا على العمل بهما بأي قدر من الحماس، أو يستمر في العمل بهما لحظة واحدة أكثر مما تقتضي الحاجة. وقد دعم معظم النبلاء ثروتهم وسلطتهم عن طريق الاستنزاف المستمر لموارد عموم الشعب الطموحين، وذلك برفع أكثر العائلات نشاطا وموارد مالية من الطبقات التجارية المتوسطة أو الطبقة البرجوازية إلى مراتب النبلاء، وقلما كان يحدث ذلك بترحيب ظاهر؛ فقد كان من الحكمة أن يستثمر الأغنياء بعضا من مواردهم المالية في أكثر أنواع الاستثمار أمانا في اقتصاد ما قبل الثورة الصناعية: الأرض. لكن لم يكن الأمر دوما بمثل هذه البساطة؛ فكان شراء الأرض يعني الإعلان عن الطموح الاجتماعي، والانضمام لملاك الأراضي المسيطرين على جميع نواحي الحياة. وفي فرنسا، بالإضافة إلى هذا، حتى عام 1789م كانت كميات كبيرة من الأموال تستثمر أيضا في شراء المناصب التي تمنح مكانة النبلاء. فعلى الأقل كان يمكن جعل الأرض منتجة اقتصاديا، حتى إن لم يكن هذا بمثل تأثير التجارة والصناعة، لكن المناصب لم تكن مثمرة على الإطلاق. كذلك كان كثير منها يشترى بمال مقترض كان من الممكن استثماره بخلاف هذا بقدر أكبر من المخاطرة. صحيح أن هذه الهيمنة الأرستقراطية لم تقف حجر عثرة في طريق الازدهار التجاري والصناعي الذي جعل بريطانيا العظمى أول نظام اقتصادي حديث. وفي الحقيقة بذل البرلمان المهيمن عليه الأرستقراطيون جهدا كبيرا من أجل إقرار وتكوين بنية تحتية تجارية سهلت مثل هذا التقدم. لكن ربما يكون الذي حافظ على وجود رأس مال في أيدي العامة وأعمالهم التجارية أكثر من أي مكان آخر هو صعوبة الحصول على الأراضي في سوق شلت حركتها الإيجارات المرتفعة ونظام منح الإرث للابن الأكبر والوقف. مع هذا، عندما أتيح لهم ذلك - بعد أن أصبحت بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر أكثر الدول إنتاجا للسلع ذات الأسعار المناسبة - أظهر رجال الصناعة البريطانيون الناجحون حرصهم أكثر من أي وقت مضى على شراء ضيعات، وبناء قصور أو توسيعها، وممارسة نمط الحياة المرفه، وإرسال أبنائهم إلى المدارس الحكومية ليتعلموا كيف يصبحون رجالا نبلاء ويتخلصون من أصولهم التجارية. هيمن ازدراء التجارة والعلم والتكنولوجيا على التعليم في المدارس الحكومية حتى وقت متأخر من القرن العشرين، وكان ذلك بمنزلة عنصر مهم - على حد زعم بعض المؤرخين - في تدهور الاقتصاد البريطاني.
ناپیژندل شوی مخ