أو نقول: إنه ليس يجوز أن توضع المناقضات فى الواجب هذا الوضع الذى وضعناه؟ وذلك أن ما كان واجبا أن يوجد فممكن أن يوجد؛ وإن لم يكن كذلك فسلبه يلزمه، لأنه قد يلزم إما الإيجاب وإما السلب. فإن لم يكن ممكنا أن يوجد، فالذى هو واجب إذا أن يوجد ممتنع أن يوجد، وذلك خلف. وأيضا فإن قولنا «ممكن أن يوجد» يلزمه قولنا «ليس ممتنعا أن يوجد» ويلزم هذا قولنا «ليس واجبا أن يوجد» فيجب من ذلك أن يكون ما هو «واجب أن يوجد» «ليس واجبا أن يوجد»، وذلك خلف. — وأيضا فإنه ليس يلزم قولنا «واجب أن يوجد» قولنا «ممكن أن يوجد» ولا قولنا «واجب ألا يوجد». وذلك أن القول الممكن قد يتفق فيه الأمران جميعا. وأما هذان فأيهما قد كان صادقا لم يكن أن يصدق معه الباقيان، لأنه قد يمكن أن يوجد الشىء وألا يوجد. وإن كان واجبا أن يوجد أو ألا يوجد فليس يكون ممكنا فيه الأمران جميعا. فقد بقى إذا أن يكون الذى يتبع قولنا «ممكن أن يوجد» إنما هو قولنا «ليس واجبا ألا يوجد»، فإن هذا قد يصدق أيضا مع قولنا: «واجب أن يوجد». وذلك أنه يصير نقيضا للقول الللازم لقولنا «ليس ممكنا أن يوجد» فإنه قد يلزم هذا القول قولنا «ممتنع أن يوجد» وقولنا «واجب ألا يوجد» الذى سلبه «ليس واجبا ألا يوجد». — فهذه المناقضات إذا تلزم أيضا على هذا الوجه الذى وصفناه؛ وإذا وضعت كذلك لم يلحق ذلك شىء محال.
مخ ۹۲