ووجه الاستدلال بها أنه تعالى أمر كافة المؤمنين بالكون مع الصادقين، ومن المعلوم المستبين أنه ليس المراد به الكون معهم بأجسامهم، بل المعنى لزوم طرائقهم ومتابعتهم في عقائدهم وأقوالهم وأفعالهم، والمراد بالصادقين من يعلم صدقه في نفس الأمر في كل شئ، بدلالة حذف المتعلق، وغير المعصوم لا يعلم صدقه كذلك، فلا يجب الكون معه، وهذا التقرير مذكور في الذكرى (1).
وأيضا فمن المعلوم المستبين أن الله تعالى لا يأمر عموما بمتابعة من يعلم صدور الفسق والمعاصي منه مع نهيه عنها، فلابد من أن يكونوا معصومين لا يخطأون في شئ البتة حتى تجب متابعتهم في جميع الأمور، وقد أجمعت الأمة على أن خطاب القرآن عام لجميع الأزمنة لا يختص بزمان دون زمان، لا بمعنى دخول من لم يحضر الخطاب من طبقات الأمة المعدومين حال الخطاب فيه أصالة، فإنه مذهب الحنابلة وشذوذ من غيرهم، بل بمعنى انسحاب الأحكام إليهم البتة، فإنه من ضروريات الدين، كما بيناه في أوائل رسالة الجمعة، وحينئذ فلابد من وجود معصوم في كل زمان ليصح أمر مؤمني كل زمان بمتابعته.
فان قيل: يجوز أن يؤمر في كل زمان بمتابعة الصادقين الكائنين في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله)، فلا يتم وجود المعصوم في كل زمان، كما هو مدعى الأمامية.
قلت: لا شك أن المفهوم من الآية تعدد الصادقين، أي: المعصومين، قضية لصيغة الجمع، وعلى القول بالتعدد يتعين (2) القول بما عليه الامامية، إذ لا قائل من ا لامة
مخ ۵۹