بالصورة التي وردت في الحديث الشريف في الكافي عن الامام الصادق عليه السلام : «قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فاذا صعد بحسناته ، يقول الله عز وجل ، اجعلوها في سجين ، انه ليس اياي اراد بها» (1) .
انا وانت في هذا الحال ، لا نستطيع ان نتصور «سجين» ولا ان نفهم ديوان عمل «الفجار» ، ولا ان نرى صور هذه الاعمال وهي في سجين ... وسنرى حقيقة الامر في احد الايام ولكن عندها تقصر ايدينا عن العمل ولا سبيل حينئذ للنجاة .
ايها العزيز ... ! استيقظ وابعد عنك الغفلة والسكرة وزن اعمالك بميزان العقل قبل ان توزن في ذلك العالم ، وحاسب نفسك قبل ان تحاسب ، واجل مرآة القلب من الشرك والنفاق والتلون ، ولا تدع صدا الشرك والكفر يحيط به بمستوى لا يمكن جلاؤه حتى بنيران ذلك العالم ، لا تدع نور الفطرة يتبدل بظلمة الكفر ، لا تدع هذه الآية «فطرة الله التي فطر الناس عليها ...» (2) ان تضيع لا تخن هذه الامانة الالهية بهذا النحو ، نظف مرآة قلبك لكي يتجلى فيها نور جمال الحق فيغنيك عن العالم وكل ما فيه . ولكي تتوهج نار الحب العشق الالهي في قلبك ، فتحرق الانواع الاخرى من الحب ، ولا تستبدل حينذاك جميع هذا العالم بلحظة واحدة من الحب الالهي ، ولكي تحصل على لذة في مناجاة الله وذكره ، تعتبر غيرها من جميع اللذات الحيوانية ، لعبا ولهوا .
واذا لم تكن من اهل هذه العوالم ، وترى هذه المعاني غريبة وعجيبة لديك فاياك ان تضيع تلك النعم الالهية في العالم الآخر التي ذكرت في القرآن المجيد واخبار المعصومين عليهم السلام وتخسرها من اجل جذب قلوب المخلوقين ...
لا تضيع كل هذا الثواب من اجل شهرة وهمية في ايام معدودات ، لا تحرم نفسك من كل هذه الكرامات ، لا تبع السعادة الابدية بالشقاء الدائم .
فصل: في الدعوة الى الاخلاص
اعلم ان مالك الملوك الحقيقي وولي النعمة الواقعي ، الذي تفضل علينا بكل هذه الكرامات ، وهيا لنا كل هذه النعم ، قبل المجيء الى هذا العالم ، ومن الغذاء الطيب ذي المواد النافعة المناسبة لمعدتنا الضعيفة ، ومن المربي الخادم بلا منة بل بفعل الحب الفطري الذاتي .
مخ ۵۱