الاربعون حديثا :36
اذا ، فالانسان هو على الدوام عاشق لما لا يملك ولما ليس في يده ، وهذه فطرة اثبتها المشايخ العظام وحكماء الاسلام الكبار خصوصا استاذنا وشيخنا في المعارف الالهية سماحة العارف الكامل «ميرزا محمد علي شاه آبادي» روحي له الفداء ، واثبتوا بها الكثير من المعارف الالهية وهي لا ترتبط بموضوعنا .
وعلى اي حال ؛ فلو وصل الانسان الى اهدافه ، فكم يدوم تمتعه واستفادته منها ؟ والى متى تبقى قوى شبابه ؟
عندما ينقضي ربيع العمر ، ويحل خريفه ، تذهب القوة من الاعضاء ، وتتعطل الحاسة الذائقة ، وتتعطل العين والاذن وحاسة اللمس وباقي الحواس ، وتصبح اللذات عموما ناقصة او تفنى اصلا ، وتهجم الامراض المختلفة ، فلا تستطيع اجهزة الهضم والجذب والدفع والتنفس ان تؤدي عملها بشكل صحيح . ولا يبقى للانسان ، شيئ سوى انات التاوه الباردة والقلب المملوء بالالم والحسرة والندم .
اذا ؛ فمدة استفادة الانسان من تلك القوى الجسمانية لا تتجاوز الثلاثين او الاربعين عاما بالنسبة الى اقوياء البنية والاصحاء السالمين ، وهي فترة ما بعد فهم الانسان وتمييزه الحسن من القبيح الى زمن تعطيل القوى او نقصانها ، وهذا يصح اذا لم يصطدم بالامراض والمشاكل الاخرى التي نراها يوميا ونحن غافلون عنها .
وافترض لكم بصورة عاجلة ، فرضية خيالية (وهذا ايضا ليس له واقع) افترض لكم عمرا هو مائة وخمسون عاما ، مع توافر جميع اسباب الشهوة والغضب والشيطنة ، وافترض بانه لا يعترضكم اي شيء غير مرغوب فيه ، ولا يحدث اي شيء يخالف هدفكم ، ومع هذه الفرضية ، ماذا ستكون عاقبتكم بعد انقضاء هذه المدة القصيرة والتي تمر مر الرياح ؟! فماذا ادخرتم من تلك اللذات لاجل حياتكم الدائمية ؟! لاجل يوم عجزكم ويوم فقركم ووحدتكم ؟! لاجل برزخكم وقيامتكم ، لاجل لقاءكم بملائكة الله واوليائه وانبيائه ؟! هل ادخرتم سوى الاعمال القبيحة المنكرة ، والتي ستقدم لكم صورها في البرزخ والقيامة ، وهي الصور التي لا يعلم حقيقتها الا الله تبارك وتعالى ؟
ان جميع نيران جهنم ، وعذاب القبر والقيامة وغيرها مما سمعت هي جهنم اعمالك التي تراها هناك كما يقول تعالى : «... ووجدوا ما عملوا حاضرا ...» (1) .
لقد اكلت مال اليتيم وتلذذت بذلك ولكن الله وحده يعلم ما هي صورة هذا العمل في ذلك العالم والتي ستراها في جهنم ، وما هي اللذة التي ستكون نصيبك هناك ؟ الله يعلم اي الاربعون حديثا :37
مخ ۳۶