206

څلوېښت حدیثونه

الاربعون حديثا

ژانرونه

الاربعون حديثا :210

اذا ، فقد اتضح ان للتوكل درجات . ولعل الدرجة التي تعرض لها الحديث الشريف هي توكل الطائفة الثانية . اذ انه جعل العلم من مبادئه ، وربما اشار ايضا الى درجات اخرى ذات اعتبارات مختلفة . اذ ان للتوكل درجات اخرى في تقسيمات مختلفة ، مثلما هي الحال في درجات سلوك اصحاب العرفان والرياضات ، حيث يصلون من مقام الكثرة الى مقام الوحدة تدريجا ، فلا يحصل فناء افعالي مطلق ، دفعة واحدة ، بل يشاهد اولا في مقامه ، ومن ثم في سائر الكائنات . فكذلك يحصل التوكل والرضا والتسليم وسائر المقامات بالتدرج ايضا . وربما يبدأ اول الامر بالتوكل على الاسباب الغائبة والخفية ، ومن ثم يصل الى مقام المطلق تدريجا ، سواء أكانت له اسباب ظاهرة جلية ، ام اسباب باطنة خفية ، وسواء أكان ذلك في اعماله هو ام في اعمال اقربائه ومقربيه . ولذلك جاء في الحديث : «ان من درجات التوكل ان تتوكل على الله تعالى في كل امورك» .

فصل: في بيان الفرق بين « التوكل » و« الرضا »

اعلم ان مقام «الرضا» غير مقام «التوكل» ، وهو اسمى منه وارفع . وذلك لان المتوكل يطلب الخير والصلاح لنفسه ، فيوكل الحق تعالى ، بصفته فاعل الخير ، للحصول على الخير والصلاح . اما الشخص «الراضي» فيكون قد افنى ارادته في ارادة الله ، فلا يختار لنفسه شيئا . ولقد سئل احد اهل السلوك :

«ما تريد ؟» . فقال : «اريد ان لا اريد» .

فمطلوبه هو مقام الرضا . اما ما جاء في الحديث الشريف : «فما فعل بك كنت عنه راضيا» فانه لا يعني مقام الرضا ولذلك جاء بعد ذلك قوله : «تعلم انه لا يألوك خيرا وفضلا» ، وكأنه صلى الله عليه وآله وسلم اراد ان يوجد في السامع مقام التوكل ، وذلك بوضع المقدمات ، فقال اولا : «تعلم انه لا يألوك خيرا وفضلا» ثم قال : «تعلم ان الحكم في ذلك له» طبيعي ان من يعلم ان الله تعالى قادر على كل شيء ، وانه لا يفوت على نفسه خيره وفضله ، فان مقام التوكل يحصل له ، وذلك لان ركني التوكل الاساسيين قد ذكرهما ، بينما لم يذكر الركنين او الثلاثة الاخرى لوضوحهما . اذا ، تكون نتيجة المقدمات المذكورة المطوية والمعلومة هي ان ما يفعله الحق تعالى يبعث على الرضا والسرور . اذ ان فيه الخير والصلاح ، وبذلك يحصل مقام التوكل . ولهذا فرع عليه السلام في الحديث الشريف قوله : «فتوكل على الله» .

مخ ۲۱۰