204

څلوېښت حدیثونه

الاربعون حديثا

ژانرونه

آخرون : «التوكل على الله انقطاع العبد في جميع ما يأمله من المخلوقين» .

وهكذا تجد هذه المعاني متقاربة ، ولا حاجة للبحث في المفهوم . وكل ما يتطلب القول هو ان للتوكل درجات مختلفة بحسب اختلاف مقامات العباد . ولما كانت معرفة درجات التوكل مبنية على العلم بدرجة معرفة العباد بربوبية الحق جل جلاله ، كان لا بد من الاشارة الى ذلك .

فاعلم ، ان احد اصول معارف السالكين ومقاماتهم ، التي لا تكون الا به ، هو العلم بربوبية الحق تعالى ، ومالكيته ، وكيفية تصرف الذات المقدسة في الامور . اننا لا ندخل هذا البحث من الناحية العلمية ، لان ذلك يتطلب التحقيق في «الجبر والتفويض» وذلك ما لا يتناسب مع هذه السطور . وانما نقتصر على ذكر درجات الناس في معرفة ذلك .

وعليه ، نقول ان الناس في معرفة الربوبية مختلفون متباينون الى حد كبير : فالموحدون عموما يعرفون ان الحق تعالى هو خالق مبادئ الامور ، وكليات الجواهر ، وعناصر الاشياء ، ويرون بأن تصرفه محدود ، ولا يقولون بإحاطته الربوبية . فهؤلاء تراهم تارة يقولون : مقدر الامور حق ؟ وهو المتصرف في كل شيء ، فما من كائن يكون الا بإرادته المقدسة . ولكنهم ليسوا اصحاب هذا المقام ، لا علما ، ولا ايمانا ، ولا شهودا ، ولا وجدانا .

ان هذا الفريق من الناس والظاهر اننا منهم ليس لهم علم كامل بربوبية الله بل يكون توحيدهم ناقصا ، حيث حجبت عنهم ربوبية الحق وسلطنته لعلل واسباب ظاهرة ، وليس لهم مقام التوكل وهو ما يدور كلامنا عليه الا لفظا وادعاء . لهذا ، فانهم في الامور الدنيوية ، لا يعتمدون على الحق سبحانه ، بأي شكل من الاشكال ، ولا يتشبثون الا بالاسباب الظاهرية والمؤثرات الكونية . واذا ما اتفق احيانا ان توجهوا الى الحق تعالى وطلبوا منه حاجة ، او رجوا منه رجاء ، فذلك من باب التقليد ، او من باب الاحتياط ، لانهم لا يرون في ذلك ضررا عليهم ، بل ربما يحتملون فيه فائدة . وفي هذه الحال توجد رائحة التوكل . ولكنهم اذا رأوا الاسباب الظاهرة ملائمة ومطابقة لأهوائهم ، غفلوا كليا عن الحق تعالى وعن تصريفه للامور . ان المقولة القائلة بأن التوكل لا يتنافى مع العمل والتكسب ، صحيحة ، بل هي مطابقة للبرهان وللنقل ، ولكن الاحتجاب عن ربوبية الحق وتصريفه للامور واعتبار الاسباب مستقلة ، يتنافى والتوكل .

ان هؤلاء الذين لا يتمسكون حتى بأدنى درجات التوكل في اعمالهم الدنيوية ، يتحدثون فيما يتعلق بالامور الاخروية عن التوكل بزهو ومباهاة ، واذا ما ظهر منهم اي تهاون وضعف وكسل في العلم او في تهذيب النفس والعبادات والطاعات ، بادروا الى اظهار اعتمادهم وتوكلهم على الحق تعالى وفضله . وكأنهم يريدون بمجرد تلفظهم بأن «الله عظيم» و«اننا متوكلون على فضل الله» ان ينالوا الدرجات الاخروية ! فانهم يقولون في الشؤون الدنيوية : ان السعي والعمل لا يتنافيان مع التوكل على الله ، وفي الامور الاخروية يرون السعي والعمل الاربعون حديثا :209

مخ ۲۰۸