ارام دمشق او اسرائیل: په تاریخ او توراتي تاریخ کې
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
ژانرونه
597-586ق.م.
حكم حزقيا مدة طويلة جدا بلغت أربعين سنة، وقد ورث عن أبيه عمالة آشور، وسار في ظل هذه السياسة فترة طويلة استطاع خلالها بناء الدولة الحقيقية ليهوذا الكبرى، التي بقيت بمنجاة من الحملات الصاعقة، التي أكملت عملية إلحاق مدن الساحل الفلستي بآشور. وقد تلقت مدينتا جت وأشدود بشكل خاص أقسى ضربات صارغون الثاني. نقرأ في نص لصارغون: «عازوري ملك أشدود امتنع عن دفع الجزية، وكتب رسائل إلى الممالك المجاورة مليئة بالمخططات العدوانية ضد آشور، فقمت بإقصائه عن العرش جزاء خيانته، وعينت أخاه الأصغر أحيميتي ملكا. ولكن سكان أشدود كرهوا حكمه ورفعوا عليهم ملكا؛ رجلا من الإغريق لا حق له بالملك. فقمت في ثورة غضبي بالتوجه إلى أشدود دون أن أكمل استعداداتي العسكرية، وبما توفر لي من جنود مخلصين. ولما سمع هذا الإغريقي باقترابي هرب وتوجه إلى مصر. حاصرت وفتحت مدن أشدود وجت، وغنمت زوجة وأولاد الملك وكنوز قصره وسكان بلاده. ثم أعدت تنظيم هذه المدن، فأحللت فيها سكانا من المناطق الشرقية التي قهرتها سابقا، وعينت عليهم حاكما من عندي، وأعلنتهم مواطنين آشوريين.»
2
في السنوات الأخيرة من حكمه، انشغل صارغون الثاني بمشكلاته الداخلية، وأوقف حملاته السورية، ثم توفي عام 705ق.م. وخلفه ابنه سنحاريب. انشغل سنحاريب في سنوات حكمه الأولى بالقضاء على عدد من الفتن والثورات في بلاد الرافدين والمناطق الشرقية، الأمر الذي أعطى حزقيا ملك يهوذا مزيدا من الإحساس بالاستقلال والإحساس بقوته الذاتية. وقد قاده هذا إلى التفكير بالتمرد على آشور، يدفعه إلى ذلك فراعنة الأسرة الحبشية في مصر. كما ساعد حزقيا على التفكير بالتمرد الحالة العامة المناهضة للحكم الآشوري في مناطق سوريا الغربية جميعها، وخصوصا مدن فينيقيا وفلسطين. وقد اعتقد جديا ولفترة بأنه في حال نجاح هذا التمرد العام، وإخفاق آشور في إخماده، فسيكون لأورشليم الدور القيادي في فلسطين، وربما استطاعت الحلول محل آشور. ولكن هذا الوضع المتوتر في فينيقيا وفلسطين قد دفع أخيرا الملك سنحاريب إلى شن حملة كبرى على المنطقة مشهورة في تاريخ الحملات الآشورية. نقرأ في سجل سنحاريب عن هذه الحملة ما يلي: «في حملتي الثالثة توجهت إلى حاتي، لولي ملك صيدون، أخذه الخوف من هيبة جلالتي، ففر وحيدا عبر البحار واختفى ذكره. أما مدنه فقد تملكها الخوف من عظمة آشور، فأخضعت مدن صيدون الكبرى وصيدون الصغرى، وبيت زتي، وساريبتو، ومحاليبا، وأوشو (صور)، وأكزيب، وعكا. مدنه الحصينة كلها قد أخضعت تحت قدمي، وأقمت على عرش صيدون المدعو توبعلو وفرضت عليه الجزية.» عند ذلك يعلن بقية ملوك الساحل وملوك شرقي الأردن ولاءهم لسنحاريب، ويرسلون إليه الجزية. أما ملك أشقلون على الساحل الفلستي فقد بقي على تمرده، فتابع سنحاريب حملته باتجاه الساحل الفلستي، فأخضع أشقلون وقبض على ملكها المدعو صدقيا وأفراد عائلته وأرسلهم أسرى إلى آشور، ثم تابع تمشيطه لمناطق الساحل قبل أن يتوجه نحو الداخل لتأديب حزقيا ملك يهوذا، الذي وصلته نجدات عسكرية من مصر. «تابعت حملتي فحاصرت بيت داجون، وبني برقة، وآزود، وهي مدن تابعة لصدقيا ملك أشقلون، ففتحتها وحملت منها الأسلاب. أما مدينة عقرون فقد قام أهلها بوضع مليكهم بادي في الأغلال وأسلموه إلى حزقيا يهوذا، الذي رماه في السجن. ولخوفه مني دعا حزقيا مصر وإثيوبيا لمساعدته، فهبوا إليه وانتظمت صفوفهم، وشحذوا أسلحتهم ضدي في سهل ألتقو. بعد استخارة نبوءة إلهي آشور، هاجمتهم وهزمتهم. وفي غمرة القتال، قمت بنفسي بأسر فرسان العربات وأمرائهم من مصريين وإثيوبيين، ثم حاصرت مدينتي ألتقو وتمنة وأخذتهما وحملت منهما الأسلاب. بعد ذلك استبحت مدينة عقرون وقتلت مسئوليها ووجهاءها الذين أجرموا، وعلقت جثثهم على الأعمدة حول المدينة، ثم أعدت ملكها بادي من أورشليم وأقمته على العرش سيدا لهم، وفرضت عليهم الجزية. أما حزقيا يهوذا، الذي خرج عن طاعتي، فقد ألقيت الحصار على 46 من مدنه وقلاعه، وعدد كبير من القرى حولها، وأخذتها جميعا مستخدما المدكات والمنجنيق، التي قربها المشاة إلى مقدمة الهجوم فأحدثوا أنفاقا وثغرات. سقت أمامي منهم الغنائم 200150 فردا من الذكور والإناث،
3
شيبة وشبانا، وأحصنة وبغالا وحميرا وجمالا، ماشية كبيرة وصغيرة لا حصر لها. أما حزقيا نفسه فقد صار حبيسا في مقره الملكي أورشليم كعصفور في قفص، فأحطته بالمتاريس والخنادق لحجز الفارين عند البوابات، والمدن التي أخذتها منه أعطيتها لملك أشدود وملك عقرون ولملك غزة، فأنقصت بذلك مساحة أراضيه، ورفعت الجزية المفروضة عليه بما يفوق الجزية السابقة كثيرا. لقد غمره الخوف من رهبة جلالتي، والقوات التي أتى بها إلى أورشليم لمعاونته اختلت صفوفها وتركته. فأرسل إلي في نينوى عاصمة ملكي ثلاثين وزنة من الذهب، و800 وزنة من الفضة، وأحجارا كريمة، وكميات من الإثمد وقطع الصخر الأحمر، ومقاعد وكراسي مزينة بالعاج. كما أرسل إلي موسيقيين من ذكور وإناث، وأرسل بناته وسراريه.»
4
لا يذكر نص سنحاريب السبب الذي دفعه لفك الحصار عن أورشليم والعودة إلى نينوى، والكاتب ينتقل مباشرة من مشهد الحصار المطبق على المدينة إلى وصول جزية حزقيا إلى سنحاريب في عاصمته. من هنا ، فإننا نرجح أن الملك الآشوري قد ارتد عن المدينة بعد أن أعلن حزقيا خضوعه المطلق وقبل الجزية المضاعفة التي فرضت عليه، فأرسلها في إثر سنحاريب إلى نينوى. ويبدو أن سنحاريب لم تعد له مصلحة في خسارة مزيد من الوقت والجنود والأموال في حصار مدينة منيعة، غدت وحيدة في أرض محروقة ومقفرة إلى أبعد الحدود، ففضل الإبقاء على أورشليم في حالة التبعية بدلا عن تدميرها. ولعل قراره هذا قد جاء بعد وصول أخبار من آشور عن محاولة انقلابية يجري التحضير لها في نينوى، لأننا نعرف فيما بعد أن سنحاريب قد لقي مصرعه على يد اثنين من أبنائه أثناء تأديته للطقوس الدينية في المعبد. ومصدر هذا الخبر هو رواية سفر الملوك الثاني (19: 27).
لم يحفل النص التوراتي بذكر أية تفصيلات عن حملة سنحاريب على فلسطين، وقارئ سفر الملوك الثاني يظن أن الملك الآشوري قد توجه من نينوى مباشرة إلى أورشليم وألقى الحصار عليها، وكأن أورشليم هي المدينة الوحيدة القائمة في مناطق غربي الفرات. كما أن قصة المواجهة بين سنحاريب وحزقيا ينقصها الكثير من العناصر المهمة التي قدمتها الرواية الآشورية؛ فصعود القوات المصرية لمساعدة حزقيا بأعداد كبيرة غير مذكور بتاتا، رغم وجود تلميح باتكاء حزقيا على مصر، وكذلك الأمر بخصوص المعركة الكبيرة في سهل ألتقو بين القوات الآشورية وقوات مصر وحزقيا، وتراجع الأخير وتحصنه في أورشليم، أما تراجع سنحاريب عن أسوار أورشليم فيعزوه محرر السفر - وكما يمكن أن نتوقع دوما - إلى معجزة من الرب، نقرأ في سفر الملوك الثاني ما يلي: «في السنة الرابعة عشرة للملك حزقيا صعد سنحاريب ملك آشور على مدن يهوذا الحصينة جميعها وأخذها، وأرسل ملك يهوذا إلى ملك آشور، إلى لخيش، يقول: قد أخطأت، ومهما جعلت علي حملته. فوضع ملك آشور على حزقيا ملك يهوذا ثلاثمائة وزنة من الفضة، وثلاثين وزنة من الذهب. فدفع حزقيا الفضة الموجودة في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك جميعها. وفي ذلك الزمان قشر حزقيا الذهب عن أبواب الهيكل والدعائم التي كان قد غشاها حزقيا ملك يهوذا ودفعه للملك آشور» (الملوك الثاني، 18: 12-16). يبدو لنا من هذا النص أن سنحاريب قد استولى على المدن التابعة لحزقيا، ثم قبل جزية حزقيا ولم يقترب من أورشليم. ولكن محرر سفر الملوك الثاني ما يلبث أن يقدم لنا مباشرة رواية أخرى عن قيام الجيش الآشوري بحصار أورشليم. وهنا نرى سنحاريب المشغول بحصار مدينة لخيش يرسل ثلاثة من قواده على رأس جيش إلى أورشليم: «وأرسل ملك آشور ترتان وربساريس وربشاقي من لخيش إلى الملك حزقيا بجيش عظيم إلى أورشليم، فصعدوا وأتوا إلى أورشليم. ولما صعدوا جاءوا ووقفوا عند قناة البركة العليا، التي في طريق حقل القصار، ودعوا الملك فخرج إليهم إلياقيم بن حلقيا و... إلخ، فقال لهم ربشاقي: قولوا لحزقيا: هكذا يقول الملك العظيم ملك آشور: ... والآن على من اتكلت حتى عصيت علي؟ فالآن هو ذا قد اتكلت على عكاز هذه القصبة المرضوضة، على مصر التي إذا توكأ عليها أحد دخلت في كفه وثقبتها. هكذا هو فرعون ملك مصر للمتكلين عليه جميعهم ... وإذا قلتم لي: على الرب إلهنا اتكلنا ... هل بدون الرب صعدت على هذا الموضع لأخربه؟ الرب قال لي: اصعد على هذه الأرض وخربها.» ثم يعرض القائد الآشوري على أهل أورشليم الاستسلام واعدا إياهم بالسبي إلى أرض أفضل من أرضهم، مما اقتبسناه قبل قليل. ولكن النبي إشعيا يشد من عزيمة حزقيا ويحثه على المقاومة، ويعده بتأييد من الرب الذي لم يتأخر في إظهار المعجزة: «وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش آشور مائة ألف وخمسة وثمانين ألفا. ولما بكروا صباحا إذا هم جميعا جثث ميتة. فانصرف سنحاريب ملك آشور وذهب راجعا وأقام في نينوى. وفيما هو ساجد في بيت نسروخ إلهه ضربه أدرملك وشرآصر ابناه بالسيف، ونجوا إلى أرض أراراط، وملك أسرحادون ابنه عوضا عنه» (الملوك الثاني، 19: 35-37). وهكذا عادت يهوذا إلى حضن آشور بعد هذا التمرد القصير الأجل. ورغم الدمار الذي حل بأراضيها فقد قيض لها أن تعيش مستقلة قرابة قرن آخر من الزمان تحت المظلة الآشورية. ولكن تدخلها في السياسة الدولية في عصر المملكة البابلية الجديدة قد قادها إلى حتفها.
توفي حزقيا عام 686ق.م. وخلفه ابنه منسي الذي حكم أربعين عاما بعد وفاة أبيه. ويقص سفر أخبار الأيام الثاني سيرة منسي على الوجه الآتي: «كان منسي ابن اثنتي عشرة سنة حين ملك، وملك خمسة وخمسين عاما في أورشليم، وعمل الشر في عيني الرب حسب أرجاس الأمم الذين طردهم من الرب من أمام بني إسرائيل. وعاد فبنى المرتفعات التي هدمها حزقيا أبوه، وأقام مذابح للبعل، وعمل سواري وسجد لكل جند السماء وعبدها، وبنى مذابح في بيت الرب الذي قال عنه الرب: في أورشليم يكون اسمي إلى الأبد ... ووضع تمثال الشكل الذي عمله في بيت الله ... وكلم الرب منسي وشعبه فلم يصغوا، فجلب الرب عليهم رؤساء الجند الذين لملك آشور، فأخذوا منسي بخزامة وقيدوه بسلاسل نحاس، وذهبوا به إلى بابل. ولما تضايق طلب وجه الرب إلهه وتواضع جدا أمام إله آبائه وصلى إليه، فاستجاب له وسمع تضرعه ورده إلى أورشليم إلى مملكته» (أخبار الأيام الثاني، 33: 1-13). وكما نلاحظ من هذا النص، فإن القبض على منسي ملك يهوذا لم يأت نتيجة تمرد أو عصيان من قبله، ولا لتوقفه عن دفع الجزية، أو أي شيء من هذا القبيل. ولسوف نرى بعد قليل، في نص للملك أسرحادون، سبب اعتقال منسي.
ناپیژندل شوی مخ