ارام دمشق او اسرائیل: په تاریخ او توراتي تاریخ کې
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
ژانرونه
ولكي تكتمل هذه الصورة البهية لشعب يعيش عيشة الوفرة والدعة والاطمئنان؛ لا بد من تزيينها بما يدل على اتساع المملكة وعظمتها وانتشار السلم في أرجائها وخضوع حكامها الطوعي: «وكان سليمان متسلطا على جميع الممالك من النهر إلى أرض فلسطين وإلى تخوم مصر. كانوا يقدمون الهدايا ويخدمون سليمان كل أيام حياته.» وقد أخذ المؤرخون التوراتيون هذه المعلومة التزيينية على أنها خبر تاريخي، رغم أن المحرر هنا يتابع رسم صورته لسليمان بالأسلوب نفسه عندما يقول مباشرة بعد إخبارنا عن اتساع مملكة سليمان: «وكان طعام سليمان لليوم الواحد ثلاثين كر سميذ، وستين كر دقيق، وعشرة ثيران مسمنة، وعشرين ثورا من المراعي، ومائة خروف، ما عدا الأيائل والظباء واليحامير والإوز المسمن.» ولا ندري لماذا تؤخذ المعلومة الأولى على أنها تاريخ بينما تؤخذ الثانية على أنها من قبيل المبالغة والشطح؟
ومن الطبيعي ألا يكون رأس هذه المملكة اليوتوبية رجلا عسكريا، بل رجل عقل وحكمة، من هنا «فاقت حكمة سليمان حكمة جميع المشرق وكل حكمة مصر ... وكانوا يأتون من جميع الشعوب ليسمعوا حكمة سليمان، من جميع ملوك الأرض الذين سمعوا بحكمته.» وهنا لا يقدم لنا النص إلا مثالا واحدا عن حكمة سليمان، التي فاقت كل حكمة مصر، وهو قصة ساذجة عن امرأتين احتكمتا إليه لخلافهما على أمومة طفل تدعي كل منهما أنها أمه. وأما عن أولئك الملوك الذين سمعوا بحكمة سليمان وجاءوا ليستمعوا إليه، فلا يذكر النص منهم إلا ملكة سبأ التي لا يطلعنا على اسمها، ولا يقول لنا من أين جاءت وأين تقع مملكتها، وإني أرجح أن تكون سبأ المعنية في أخبار سليمان هي قبيلة السبئيين التي كانت تتجول في شمال الجزيرة العربية خلال العصر الآشوري الجديد، وورد ذكرها في أكثر من نقش كتابي آشوري من القرن السابع قبل الميلاد. وقد كان لبعض القبائل العربية التي وردت في السجلات الآشورية ملكات شهيرات محاربات، منهن الملكة شمسة والملكة زبيبة والملكة طاربو.
10
ورغم أن مملكة سليمان لم يكن لها مرفأ بحري على شاطئ المتوسط، الذي تقاسمه الفينيقيون والفلسطينيون، فقد جعل محرر السفر لسليمان سفنا تمخر عباب البحر إلى جانب سفن حيرام ملك صور، وتأتي إليه بأكداس الذهب من المدن البعيدة، حتى صارت الفضة بلا قيمة وتكدست في شوارع أورشليم مثل الحجارة. وكان وزن الذهب الذي أتى لسليمان في سنة واحدة ستمائة وستا وستين وزنة. ومثل هذا الذهب لم يتوفر في سنة واحدة لنينوى عاصمة آشور في قمة عصرها الإمبراطوري، ولا لطيبة تحوتمس الثالث، ولا لروما يوليوس قيصر. ونحن هنا لم نأخذ بالحسبان أكداس الذهب التي استخدمت لطلي جدران الهيكل من الداخل، ولصنع المذبح والآنية الطقسية وغيرها: «وعمل سليمان جميع آنية بيت الرب؛ المذبح من ذهب، والمائدة التي عليها خبز الوجوه من ذهب، والطسوس والمقاص والمناضح والصحون والمجامر من ذهب خالص، والوصل لمصاريع البيت الداخلي، أي: لقدس الأقداس، ولأبواب البيت، أي: الهيكل، من ذهب ...» (7: 48-50). ولكن هذه الأكداس المكدسة من الذهب تستخدم لصناعة كل شيء تقريبا؛ تبدو صورة متواضعة إذا عرفنا أن الحجارة الكريمة كانت تستخدم منشورة فتصنع منها حجارة للأساسات وللجدران: «وأمر الملك أن يقلعوا حجارة كبيرة، حجارة كريمة لتأسيس البيت، حجارة مربعة» (5: 17). وأيضا: «وعمل بيتا لابنة فرعون التي أخذها سليمان، كهذا الرواق. كل هذه من حجارة كريمة كقياس الحجارة المنحوتة، منشورة بمنشار من داخل ومن خارج، من الأساس إلى الإفريز، وكان مؤسسا على حجارة كريمة، حجارة عظيمة، حجارة عشر أذرع، وحجارة ثماني أذرع» (7: 10-11).
إن المحرر التوراتي، الذي يقدم لنا هذه الصور التي لم تحلم بمثلها ألف ليلة وليلة، هو الذي يقول لنا بعد ذلك إن الملك سليمان هو الذي بنى تدمر في البرية! والمؤرخون التوراتيون يطلبون منا أن نصدق ذلك.
أما عن قصة زواج سليمان بابنة فرعون مصر، الذي لم يذكر لنا اسمه، كما هي العادة، فمن الواضح أن المحرر الذي ساقها لنا لم يكن يعرف شيئا عن تقاليد فراعنة مصر وبروتوكولات البلاط المصري. فمن المعروف والمؤكد تاريخيا أن الأسر الملكية المصرية، وعبر جميع العصور، لم تزوج قط واحدة من أميراتها إلى أي ملك أجنبي، رغم أن بعضا من الفراعنة والأمراء المصريين قد تزوجوا من عائلات ملكية أجنبية. فملوك عصر العمارنة قد تزوجوا من أميرات ميتانيات، ولكنهم لم يزوجوا واحدة من بناتهم إلى ميتاني. وعندما بلغت العلاقات الديبلوماسية أحسن أحوالها بين ملوك بابل الكاشيين وفراعنة الأسرة الثامنة عشرة، أرسل أحد هؤلاء الملوك عددا من الأميرات الكاشيات ليكن زوجات لأمراء مصريين، وتقدم مرارا بطلب الزواج من أميرة مصرية، ولكن البلاط المصري اعتذر وتهرب من تلبية الطلب. وعندما ازداد إلحاح الملك أرسل إليه البلاط المصري فتاة جميلة من أصل غير ملكي، على أنها ابنة الفرعون.
11
وحدث الشيء نفسه بين البلاط المصري والملك الفارسي قمبيز، ملك العالم في ذلك الوقت، ويروي لنا هيرودوتس الإغريقي أنه عندما ألح قمبيز في طلبه الزواج من ابنة الفرعون، وكانت مصر عندها في آخر مراحل انحطاطها الحضاري والسياسي، قام الفرعون باختيار فتاة جميلة من فتيات البلاط وأرسلها إلى قمبيز على أنها ابنته. وعندما اكتشف الملك الفارسي الخدعة اتخذها ذريعة لغزو مصر، فاحتلها إلى أقصاها.
12
فكيف يخرق البلاط المصري هذا التقليد الراسخ منذ القدم من أجل سليمان، الذي لم تذكره وثيقة تاريخية واحدة تنتمي إلى عصره أو إلى العصور اللاحقة؟
ناپیژندل شوی مخ