ارام دمشق او اسرائیل: په تاریخ او توراتي تاریخ کې
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
ژانرونه
وفيما يتعلق بحادثة تغيير اسم يعقوب من قبل الرب إلى إسرائيل، لدينا روايتان مختلفتان؛ ففي الإصحاح 32 من سفر التكوين يغير الرب اسم يعقوب بعد أن يدخل معه في صراع عند مخاضة يبوق. أما في الإصحاح 35 فتوضع هذه الحادثة بعد إقامة يعقوب لمذبح للرب في بيت إيل، وذلك بعد الصراع في يبوق بزمن لا بأس به: «فأتى يعقوب إلى لوز التي في أرض كنعان هو وجميع القوم الذين معه، وبنى هناك مذبحا، ودعا المكان إيل بيت إيل ... وظهر الله ليعقوب أيضا حين جاء من فدان آرام وباركه، وقال له الله: اسمك يعقوب، لا يدعى اسمك يعقوب فيما بعد، بل يكون اسمك إسرائيل ...» (تك، 35: 6-10). وبخصوص إقامة يعقوب للمذبح في لوز، وتسمية المكان بيت إيل، لدينا ثلاث روايات متباينة، ويمكن بهذا الخصوص مراجعة المواضع الآتية من سفر التكوين: تك، 35: 1-10، تك، 28: 16-22، تك، 35: 13-15.
ولدينا تنويعان على قصة إلقاء يوسف في البئر، وانتشال التجار له وسوقه إلى مصر، موضوعان جنبا إلى جنب، وكأن المحرر تركهما على هذه الحالة ليقرر فيما بعد أي التنويعين يختار. ففي المرة الأولى يلقي الإخوة بيوسف إلى البئر، ثم يجلسون لتناول الطعام، وإذا قافلة تجار إسماعيليين مقبلة، فيقترح أحد الإخوة، وهو يهوذا، أن ينتشلوه ويبيعوه للإسماعيليين، فيوافق الجميع ويباع يوسف لهم. وبعد ذلك مباشرة يأتي المحرر بالرواية الثانية، فالإخوة لم يبيعوا يوسف، بل تركوه في البئر ومضوا، وعندما مر رجال مديانيون تجار انتشلوا يوسف وباعوه للإسماعيليين الذين أتوا به إلى مصر. وإليكم الطريقة التي نسجت بواسطتها الروايتان: «فكان لما جاء يوسف إلى إخوته أنهم خلعوا عن يوسف قميصه الملون الذي عليه، وأخذوه وطرحوه في البئر. وأما البئر فكانت فارغة ليس فيها ماء. ثم جلسوا ليأكلوا طعاما. فرفعوا عيونهم وإذا قافلة إسماعيليين مقبلة من جلعاد، وجمالهم حاملة ... فقال يهوذا لإخوته: ما الفائدة أن نقتل أخانا ونخفي دمه؟ تعالوا نبيعه للإسماعيليين، ولا تكن أيدينا عليه؛ لأنه أخونا ولحمنا، فسمع له إخوته. واجتاز رجال مديانيون تجار، فسحبوا يوسف وأصعدوه من البئر، وباعوا يوسف للإسماعيليين بعشرين من الفضة، فأتوا بيوسف إلى مصر ...» (التكوين، 37: 25-29).
ومن ناحية أخرى، فإن ذكر الإسماعيليين والمديانيين في هذا الجزء من قصة يوسف لا يتناسب ومعطيات سلسلة الأنساب التي رسمها سفر التكوين لإبراهيم وأولاده. فمن المفروض أن الإسماعيليين هم أبناء إسماعيل بن إبراهيم من هاجر المصرية، والمديانيون هم أولاد مديان أحد أولاد إبراهيم من آخر زوجاته قطورة، وإذا أخذنا الزمن المنطقي الفاصل بين عصر إسماعيل ومديان ابني إبراهيم، وعصر يعقوب ويوسف لقلنا إن الإسماعيليين والمديانيين لم يكونوا قد تشكلوا كشعبين بعد خلال الفترة التي جرت خلالها قصة يوسف. ولا يوجد تفسير لهذا التناقض سوى أن قصة يوسف قد أدمجت في نهاية عصر الآباء دون مجهود تحريري يضعها في اتساق مع ما سبقها.
وفي التفاصيل الصغيرة لقصص الآباء لدينا الكثير من التناقضات التي لا نستطيع الإتيان على ذكرها جميعا. ومثالها ذلك التفصيل الصغير من قصة يوسف أيضا، فعندما يتهم يوسف إخوته بالتجسس، ويطلب منهم العودة إلى كنعان وجلب أخيهم الأصغر بنيامين، يعطي أوامره ببيع القمح إلى العائدين، ولكنه يعيد الفضة التي دفعوها إلى أكياس قمحهم دون علم منهم. وبينما هم في الطريق فتح أحدهم كيسه ليعطي عليقا لحماره، فرأى فضته في كيسه فأخبر إخوته، فارتعدوا خوفا لئلا يظن يوسف بأنهم قد سرقوا فضتهم بعد شراء القمح (تك، 42: 25-28). ولكننا في المقطع التالي مباشرة نجد أن الإخوة لم يعلموا بوجود فضتهم في أكياسهم في الطريق، بل لدى وصولهم ديارهم: «فجاءوا إلى يعقوب أبيهم في أرض كنعان وأخبروه بكل ما أصابهم ... وإذ كانوا يفرغون عدالهم، إذا صرة فضة كل واحد منهم في عدله، فلما رأوا صرر فضتهم، هم وأبوهم خافوا ...» (تك، 42: 29-34).
ضمن هذه السلسلة غير المترابطة من روايات الآباء يمكن - ببعض التمحيص - اكتشاف المفاصل الرئيسية التي تم عندها جمع تقاليد مستقلة من حيث الأصل إلى تقليد واحد. فالتقاليد المتعلقة بأبرام قد التقت مع التقاليد المتعلقة بإبراهيم، تحت ذريعة أن الرب قد أمر أبرام بتغيير اسمه إلى إبراهيم. والتقت كذلك التقاليد المتعلقة بيعقوب مع التقاليد المتعلقة بإسرائيل، تحت ذريعة أن الرب قد غير اسم يعقوب إلى إسرائيل. ثم حشرت التقاليد المتعلقة بإسحاق بين هذه وتلك. ولعل أكثر هذه التقاليد غرابة من البقية تلك المتعلقة بيوسف، فهذه القصة عن الشاب الآسيوي الطموح الذي يصل إلى مرتبة عالية في البلاط المصري قد أدمجت في نهاية سلسلة تقاليد الآباء من أجل الربط بين عصر الآباء في كنعان، وتلك الجماعة التي خرجت من مصر بعد أربعمائة سنة من العبودية تلت موت يوسف.
أما الرؤية الأيديولوجية لأحداث روايات الآباء، والتي أراد المحررون من خلالها إحداث نوع من الانسجام بين تقاليد الآباء نفسها من جهة، وبين هذه التقاليد وبقية التقاليد الرئيسية في الكتاب، فتظهر كشأن مقحم على الشكل الأصلي للقصص، وتبدي مرونة عالية في فرض نفسها على الحدث. وهذه الرؤية الأيديولوجية ذات شقين؛ شق عرقي وشق ديني، تتبدى الأيديولوجية العرقية في محاولة رسم خط نسب رئيسي نبيل يوصل إلى الأسباط الاثني عشر لإسرائيل، وخطوط نسب فرعية توصل إلى بقية الشعوب التي احتك بها الإسرائيليون خلال الفترات التاريخية المتأخرة، والقريبة زمنيا من عصر تدوين الأسفار التوراتية. فمن جارية إبراهيم المصرية يولد إسماعيل، وهو أبو القبائل الإسماعيلية التي نعرفها من النصوص الآشورية للألف الأول قبل الميلاد، مثل نبايوت (الأنباط فيما بعد) وقيدار وتيما. ومن عيسو المنبوذ، الذي خسر بركة أبيه، يولد آدوم وعماليق. ومن بنتي لوط اللتين حملتا سفاحا من أبيهما يتسلسل المؤابيون والعمونيون. وبهذه الطريقة يجعل سفر التكوين من الخصوم التاريخيين لبني إسرائيل أحفادا للجواري والملعونين في الأرض وأولاد الزنا.
وفيما يتعلق بالأيديولوجيا الدينية، فإنها تظهر كمحاولة غير ناجحة أو غير جادة لإسقاط المعتقد التوحيدي، الذي لم ينضج في فلسطين إلا إبان العصر الفارسي المتأخر على هذه المرحلة المبكرة بأجوائها الوثنية التي لا تخفي نفسها. فالإله الواحد - الذي بشر به كهنوت يهوذا بعد السبي البابلي على لسان الأنبياء من أمثال إرميا وإشعيا - هو الإله الواحد الذي بشر به موسى بين بني إسرائيل في مصر، وهو الذي خاطب إبراهيم أول مرة في حاران وأقام معه العهد ومع أولاده بعده. غير أن الكثير من تفاصيل قصص سفر التكوين، التي تركت على حالها دون تدخل من المحرر، قد أحبطت مشروع الإسقاط هذا، وتركت روايات الآباء تسبح في الأجواء الوثنية للقصص القديمة التي تم جمعها من الماضي. فالاسم «إيل» يستخدم في العديد من المواضع في الإشارة إلى إله الآباء. من ذلك مثلا ما يرد على لسان هاجر في الإصحاح 16: 13، وعلى لسان يعقوب في الإصحاح 28: 16-19. والإله إيل، كما هو معروف تماما اليوم، كان إله السماء عند الكنعانيين، ورئيسا لمجمع الآلهة في أوغاريت. ورغم إعلان الرب عن نفسه لإبراهيم وبنيه من بعده على أنه الإله الواحد القدير، وإبرام العهد معهم على عبادته وحده، فإن صور وتماثيل الآلهة الوثنية لم تغادر بيوت الآباء. فهذه راحيل تسرق أصنام أبيها عندما غادرت حاران مع زوجها، وعندما يلحق بهما الأب لابان ويدركهما في الطريق، يدخل خباء راحيل بحثا عن آلهته. وهنا نقرأ في التكوين، 31: 34 «وكانت راحيل قد أخذت الأصنام ووضعتها في حداجة الجمل وجلست عليها، فجس لابان كل الخباء ولم يجد، وقالت لأبيها: لا يغتظ سيدي، إني لا أستطيع أن أقوم أمامك لأن علي عادة النساء. ففتش ولم يجد الأصنام ...» وهذه الأصنام تبقى في بيت يعقوب - مع غيرها من أصنام آلهة القوم - موضع عناية وتقديس، على ما نفهم من الإصحاح 35: 1-2 حيث نقرأ: «ثم قال الله ليعقوب: قم اصعد إلى بيت إيل، وأقم هناك واصنع مذبحا لله الذي ظهر لك حين هربت من وجه عيسو أخيك، فقال يعقوب لبيته ولكل من كان معه: اعزلوا الآلهة الغريبة من بينكم، وتطهروا وأبدلوا ثيابكم ...» إلا أن هذه الآلهة لم تختف من بيوت الشخصيات الروحية والقيادية الرئيسية في الرواية التوراتية. وسنرى فيما بعد أن أصنام الآلهة كانت موجودة في بيت الملك داود بعد ذلك بعدة قرون.
إن صورة الإله يهوه، كما تقدمها المعتقدات التوراتية المتأخرة، هي صورة إله مجرد ومنزه، لا يتسع له مكان ولا تدركه الأبصار. وعلى حد قول إشعيا: «... هكذا قال الرب، السماء كرسيي والأرض موطئ قدمي. أين البيت الذي تبنون لي وأين مكان راحتي وكل هذه صنعتها يدي!» (إشعيا، 66: 1-2). ولكن شخصيات عصر الآباء كانت تستمع لصوت الرب مباشرة أو تراه في المنام، وفي بعض الأحيان رؤية العين المجردة، وتتحدث معه وتتمشى أمام الخباء، الأمر الذي يذكرنا بأجواء أساطير وملاحم أوغاريت. فيعقوب قد دخل في صراع جدي مع يهوه عند مخاضة يبوق كما قدمنا سابقا، وإبراهيم يفاجأ بزيارة يهوه مع اثنين من حاشيته في وضح النهار. ويبدو أن مشهد الزيارة الإلهية في القصة الأصلية كان يتضمن زيارة ثلاثة آلهة كنعانية، ومثل هذه الزيارات الإلهية لشخصيات دنيوية بارزة معروفة في أدبيات الشرق القديم. وقد عثرت على مشابهة واضحة بين قصة زيارة يهوه لإبراهيم وبشارته له بغلام، وبين ملحمة دانيال الأوغاريتية، مما سأعرض له بسرعة فيما يلي.
كان دانيال حاكما عادلا يجلس كل يوم للقضاء عند باب المدينة. ولكنه كان عقيم النسل لم يرزق بولد يرثه. صلى دانيال كثيرا في المعبد وقرب القرابين لكي ترفع عنه لعنة العقم. وأخيرا ظهر له الإله بعل ووعده بأن يكلم بشأنه كبير الآلهة إيل. بر بعل بوعده، واستجاب الإله إيل لصلوات دانيال، فرزق بغلام أسماه أقهات. وفي أحد الأيام مر إله الحرف والصناعة كوثر-حاسيس، فدعاه دانيال لتناول الطعام. ولنتابع هنا القصة كما وردت في العمود الخامس من اللوح الأول للنص الأوغاريتي: «ثم في اليوم السابع نهض دانيال وجلس عند البوابة قرب الأكداس عند البيدر يقضي قضاء الأرملة وحكم اليتيم، وعندما رفع بصره رأى على بعد ألف حقل كوثر-حاسيس قادما حاملا قوسا وجعابا ونبالا. عند ذلك نادى دانيال زوجته قائلا: اسمعي أيتها السيدة دانتية، أعدي خروفا من القطيع لإكرام كوثر-حاسيس، وجهزي لإطعام وإسقاء الآلهة. فسمعت دانتية وأعدت خروفا من القطيع لإكرام كوثر-حاسيس. ثم بعد ذلك وصل كوثر-حاسيس وأعطى القوس لدانيال من أجل بكره أقهات. عندها أولمت السيدة دانتية وقدمت شرابا وكرمت السيد. وعندما غادر كوثر-حاسيس إلى موطنه أخذ دانيال القوس وأعطاها لأقهات هدية قائلا: إن بواكير صيدك يا بني سوف تكون للمعبد.»
4
ناپیژندل شوی مخ