آراء فلسفيه په دوران کرایسس کې
آراء فلسفية في أزمة العصر
ژانرونه
ويبدو لي أن الصراع الذي نشب في القرن التاسع عشر بين العلم والدين قد انتهى أمره؛ فما دام التعقل «غير الناقد» أمرا غير ثابت، فلا يمكن أن تكون المشكلة هي أن تختار بين المعرفة والإيمان، وإنما هي بين لونين من الإيمان. والمشكلة الجديدة هي هذه: ما هو الإيمان الصحيح؟ وما هو الإيمان الباطل؟ وإن ما أردت أن أبينه هو أن الاختيار الذي يواجهنا هو بين الإيمان بالعقل وبأفراد البشر، وبين الإيمان بالمزايا الغامضة عند الإنسان التي توحد بينه وبين المجموع. وهذا الاختيار هو في الوقت عينه اختيار بين نظرة تعترف بوحدة الجنس البشري ونظرة تقسم الناس إلى أصدقاء وأعداء، إلى سادة وعبيد. ⋆ (1-3) نتائج اللاعقل
ولنبحث الآن فيما يترتب على اللاعقل ... إن الرجل الذي يؤمن باللاعقل يصر على أن العواطف والأهواء دون العقل هي المصادر الأساسية للنشاط البشري. فإن رد على ذلك من يؤمن بالعقل بأن من واجبنا - حتى إن صح ذلك - أن نبذل ما في وسعنا لكي نعالج هذه الظاهرة، كما أن من واجبنا أن نجعل العقل يلعب أكبر دور ممكن، أجاب الأول (إن هو تنازل إلى مثل هذا النقاش): إن هذه النظرة غير واقعية إطلاقا؛ لأنها لا تأخذ في اعتبارها ضعف «الطبيعة البشرية» وضعف المواهب العقلية عند أكثر الناس، واعتمادهم الظاهر على العواطف والأهواء.
ويقيني الذي لا يتزعزع أن هذا الاهتمام الزائد - من جانب أولئك الذين لا يؤمنون بالعقل - بالعواطف والأهواء يؤدي في النهاية إلى ما لا أستطيع أن أصفه إلا بالجريمة. وأحد أسباب هذا الرأي هو أن هذه النظرة - التي هي على أحسن الفروض، نظرة استسلام للطبيعة غير العاقلة عند الكائنات البشرية، وعلى أسوأ الفروض نظرة ازدراء إلى العقل البشري - أقول إن أحد أسباب هذا الرأي هو أن هذه النظرة لا بد أن تؤدي إلى مناشدة العنف والقوة الوحشية لتكون الحكم النهائي في أي خلاف؛ لأنه إذا ما نشب خلاف ما، فإن معنى ذلك أن تلك العواطف والأهواء البناءة التي يمكن بمبادئها أن تتغلب على الخلاف، كتبادل الاحترام، والمحبة، والإيمان بقضية مشتركة، إلى غير ذلك، قد أثبتت عجزها عن حل المشكلة. فإن كان الأمر كذلك، فماذا يبقى لغير العقليين سوى مناشدة العواطف والأهواء الأقل بناء، مناشدة الخوف، والبغض، والحسد، والعنف في نهاية الأمر؟ ويعزز هذا الميل كثيرا نظرة أخرى ربما كانت أكثر أهمية، وهي أيضا عندي كامنة في اللاعقل، وأقصد بها تأكيد ما بين الناس من عدم المساواة.
ولا يمكن بطبيعة الحال أن ننكر أن أفراد البشر - ككل شيء آخر في هذه الدنيا - غير متساوين بتاتا من أوجه كثيرة جدا، ولا يمكن أيضا أن نشك في أن عدم المساواة هذا ذو أهمية قصوى، بل هو مطلوب في كثير من الأمور (ومن أحلام هذا العصر الخوف من أن يكون من آثار تقدم الإنتاج الضخم والحكم الجماعي على الإنسان زوال ما بين الناس من فوارق، أو القضاء على فرديتهم). غير أن هذا كله لا يتعلق بمشكلة التساؤل إن كان من واجبنا أن نقرر معاملة الناس - وبخاصة في القضايا السياسية - باعتبارهم متساوين، أو أقرب ما يكونون إلى المساواة، أقصد أن لهم حقوقا متساوية، ومطالب متساوية في المساواة في المعاملة، كما أنه لا علاقة له بموضوع ما إذا كان من واجبنا أن ننشئ نظما سياسية وفقا لذلك. ليست «المساواة أمام القانون» حقيقة، ولكنها مطلب سياسي يقوم على أساس قرار أخلاقي. وهي مستقلة تمام الاستقلال عن النظرية التي تقول ب «أن الناس جميعا يولدون متساوين»، وهي نظرية تحتمل الخطأ. ولست أقصد أن أقول إن اتخاذ هذا الموقف الإنساني - موقف الحياد - هو نتيجة مباشرة لقرار في صالح التعقل. غير أن الميل نحو الحياد وثيق الارتباط بالتعقل، وليس بوسعنا أن ننحيه عن مذهب العقليين، ثم إني لا أقصد أيضا أن أقول إن اللاعقلي لا يستطيع - دون أن يناقض نفسه - أن يقف موقفا يتجه نحو المساواة أو الحياد. وحتى إذا لم يستطع ذلك على أساس من المنطق، فهو ليس مرغما على التزام المنطق. غير أني أود أن أصر على أن اللاعقليين لا يستطيعون أن يتجنبوا الوقوف بجانب الرأي الذي يعارض المساواة. وترتبط هذه الحقيقة باهتمامهم بالعواطف والأهواء؛ لأنا لا نستطيع أن نشعر بنفس الشعور نحو كل إنسان. فنحن جميعا - من الناحية العاطفية - نقسم الناس إلى فئة قريبة منا وفئة أخرى بعيدة عنا. وتقسيم الجنس البشري إلى عدو وصديق هو التقسيم العاطفي الواضح، وهذا التقسيم معترف به في الوصية المسيحية التي تنص على «أن يحب المرء أعداءه»! ولكن حتى أفضل المسيحيين الذي يعيش فعلا طبقا لهذه الوصية (وهؤلاء قلة، كما يتبين من موقف الرجل المسيحي الطيب العادي إزاء «الماديين» و«الملحدين»)، أقول حتى أفضل المسيحيين لا يستطيع أن يحس محبة متساوية نحو جميع البشر. إننا لا نستطيع في الواقع أن نحب «حبا مجردا»، إنما نستطيع أن نحب أولئك الذين نعرفهم فقط. وإذن فحتى مناشدة أفضل عواطفنا، الحب والرأفة، لا يمكن إلا أن تقسم البشر فصائل مختلفة، ويكون ذلك أكثر صدقا إذا نحن ناشدنا العواطف والأهواء التي هي في مرتبة أدنى. إن رد الفعل «الطبيعي» عندنا هو أن نقسم الناس إلى عدو وصديق، إلى أولئك الذين ينتمون إلى قبيلتنا وإلى مجتمعنا العاطفي، وأولئك الذين يقفون خارج القبيلة، إلى مؤمنين وغير مؤمنين، إلى مواطنين وأجانب، إلى زملاء في الطبقة الاجتماعية وأعداء لها، ثم إلى قائد ومقود. ⋆ (1-4) ليس للتاريخ معنى
هل للتاريخ معنى؟
لست أحب أن أتعرض هنا لمشكلة معنى «المعنى»، وأسلم بأن أكثر الناس يعرفون بوضوح كاف ما يقصدون حينما يتحدثون عن «معنى التاريخ» أو «معنى الحياة». وبهذا المعنى، بالمعنى الذي نسأل به عن معنى التاريخ، أجيب بأنه «ليس للتاريخ معنى».
ولكي أبرهن على هذا الرأي، لا بد لي من أن أقول أولا شيئا ما عن «التاريخ» الذي يضمره الناس في عقولهم حينما يتساءلون عما إذا كان له معنى.
ولقد تحدثت حتى الآن أنا نفسي عن «التاريخ» كأنه لا يحتاج إلى تفسير. ولم يعد هذا ممكنا؛ لأني أود أن أوضح أن التاريخ بالمعنى الذي يتحدث به أكثر الناس لا وجود البتة له، وهذا على الأقل أحد الأسباب التي تدعوني إلى أن أقول بأن التاريخ لا معنى له.
كيف وصل أكثر الناس إلى استعمال هذا المصطلح «التاريخ»! إنهم يتعلمونه في المدارس وفي الجامعات، ويقرءون عنه في الكتب، وهم يرون ما تعالجه الكتب التي تحمل اسم «تاريخ العالم» أو «تاريخ الجنس البشري»، فيعتادون أن ينظروا إليه كأنه سلسلة من الوقائع الثابتة إلى حد ما، وهم يعتقدون أن هذه الوقائع هي التي يتألف منها تاريخ الجنس البشري.
غير أن ميدان الحقائق غني «غنى» لا حد له، ولا مناص لنا من الاختيار، فنحن نستطيع - مثلا، طبقا لاهتماماتنا - أن نكتب تاريخا للفن، أو تاريخا للغة، أو تاريخا لعادات الأكل، أو حمى التيفوس (انظر كتاب زنسر «التيفوس والتاريخ»).
ناپیژندل شوی مخ