آراء فلسفيه په دوران کرایسس کې
آراء فلسفية في أزمة العصر
ژانرونه
ولا تستطيع الدولة مراعاة الحاجات المهملة إلى حد يسير فقط، أما الجانب الأكبر من هذه الحاجات فلا ترعاها إلا الجماعات التي تناضل في سبيل تعزيز مصالحها على حساب مكانة الجماعات الأخرى المعهودة. وهذه طريقة طبيعية سليمة لإحداث التغيرات الضرورية، إذا كانت الجماعات تدرك الخطر الاجتماعي فيما تفعل، وإذا كانت السلطة - فيما بين الجماعات - متوازنة توازنا متسقا يكفي لمفاداة تعرض أية جماعة من الجماعات لما تحدثه السلطة التي لا تحد من أثر فاسد معروف. وقد ألقى برين ج. هوفد رئيس المدرسة الجديدة للبحث الاجتماعي بيانا قويا عن الشروط الضرورية، وكان ذلك منذ فترة وجيزة، قال: «الحرية هي الاجتماع عن طواعية مع الأفراد الآخرين، الذين هم كذلك أحرار؛ ومن ثم فإن الحرية الفردية لا يمكن أن تتفق مع القدرة على استغلال الأفراد الآخرين أو على كبت حرياتهم ... يجب على الفرد أن يفهم ظروف حياته الخاصة لكي يقرر في حكمة أن عليه أن يحتمل هذا القدر من القانون أو من الطاعة لكي يستمتع بهذا القدر من الحرية أو ذاك. مثل هذا الفرد فقط هو الرجل الحر - بقدر المستطاع - الذي يحد فيما بينه وبين نفسه من حريته الخاصة في سبيل أكبر قسط ممكن من الحرية للجميع. والمجتمع الذي يتألف من أمثال هؤلاء الأفراد المتحررين يستطيع أن يهضم كل ما تحدثه التكنولوجيا من تغيرات وكل ما يحل بالعلاقات الاجتماعية من تطورات، وبوسعه أن يشكل القوى الديناميكية في صورة تطور مطرد، تلك القوى التي بغير هذا تكون قمينة بإشعال نار الثورة.»
ويحدد لنا هذا البيان مستوى عاليا دقيقا، وهو يتصور ضرورة الخضوع للقانون، ولا يجعل للفرد حرية اختيار مدى هذا الخضوع؛ ومن ثم فإن ذلك يقتضيه أن يقبل طائعا قرارا إجماعيا قلما يحدد مقدار الخضوع كما يريد الفرد أو يختار. وسيضطر الفرد إلى أن يتنازل عن كثير من حريته الشخصية في سبيل الخضوع للجماعة، وذلك ما لم يحدد حريته، في كثير من الأمور، دون أن ينتظر القانون ليقوم بهذا التحديد. والقواعد التي تتحكم في مثل هذا التحديد، وإن يكن من السهل قبولها نظريا، عسيرة عند تطبيقها على الحالات الملموسة، وبخاصة إن كانت هذه الحالات مما يمس الفرد ذاته. إن أولئك الذين يطالبون بحقوق جديدة لا يستطيعون أن يتبينوا في وضوح ما يلازم هذه الحقوق من واجبات، بل ولا يستطيعون أن يدركوا أن الحقوق الجديدة تتضمن واجبات جديدة، وإلا فهي حقوق مضيعة. وأشق من ذلك في إدراكه مخاطر النفوذ الذي لا يحدده غرض اجتماعي سليم. وحينما نواجه هذه المطالب مواجهة صحيحة، نستطيع عندئذ أن نزعم أننا نكون مجتمعا اقتصاديا. ⋆ (1-4) الحاجات الدينية والمجتمع
إن حاجات الإنسان وقدراته على إنشاء مجتمع من المجتمعات تتضمن حاجاته وقدراته الدينية؛ ومن ثم فإن من واجبنا أن نبحث عن العناصر التي تعاون تعاونا بناء على تحقيق ذلك. ويجب أن نؤكد أن النظرة التطورية إلى أصول الآراء الدينية ليست دليلا على صحة أو خطأ هذه الآراء في صورتها الراهنة. غير أنها قد تدفعنا نحو التسامح ونحو قبول التطور الذي لا يزال مستمرا. والهدف النهائي هو أن نؤلف بين أناس يختلفون في نظراتهم الدينية لكي يؤدوا واجب بناء المجتمع.
إن الإنسان يفسر ما لا يفهمه في الكون في حدود ما يفهمه؛ على اعتبار أن هذه الأمور الغامضة عمل شخصي تقوم به الأرواح الخيرة، أو الأرواح الشريرة. وتأتي في نهاية الأمر فكرة كائن خير، أوحد، عادل، قادر على كل شيء، لمصير كل فرد لديه أهميته - في عقائدنا نحن أهل الغرب. وقد تهذبت هذه النظرة لما زادت إنسانية الإنسان، وأمكن صياغة الكون القائم على أساسها وفقا لتقدم العلوم، وإن تكن الصياغة جزئية وفي وقت متأخر. ويتألف هذا البناء الديني من مواقف مختلفة من الرهبة والتقديس للقوى الكونية، ومن الفروض العقلية، وكذلك من لقانة بشرية وكونية كبرى، مدركة إدراكا ناقصا ومصوغة صياغة ناقصة، ومن استنتاجات منطقية من هذه الصيغ. والمنطق - إذا طبق على هذه الصورة - فقد يكون قوة مريعة؛ فقد كانت محاكم الاضطهاد الديني - إذا سلمنا بما قامت عليه من مقدمات - منطقية تماما وبغير رحمة. ويشتمل البناء الديني أيضا على روح الأخوة البشرية، وعلى المبادئ الخلقية الشكلية، وعلى المثوبة والعقاب، وعلى أمل انتصار الخير واندحار الشر. وهو يفعل فعله عن طريق التأثير في الدوافع الشخصية، وعن طريق الضغط على أنواع السلوك الاجتماعي الظاهري.
وقد وحدت كنيسة العصور الوسطى بين العقيدة والسلوك الخلقي، كما تحكمت في السلوك الاقتصادي والاجتماعي. وكانت معاييرها مألوفة، تكفل شيئا من الحماية للرجل العادي، وجانبا كبيرا منها للنظام القائم. وكان لها نفوذ دنيوي بلغ حدا لم يعد اليوم بالإمكان. وكانت عالمية، تدعم نظامها عقوبة جهنم، وهي نار واقعية طبيعية. وربما لا يستطيع أن يفل من هذا النفوذ للكنيسة سوى تضخم العمل التجاري في العصر الحديث. غير أن الإصلاح البروتستنتي حرم الكنيسة من العالمية الضرورية للتحكم في التصرفات العالمية الاقتصادية، كما مد من الفردية حتى بلغت الأساس الديني للأخلاق، وكذلك كان العلم يضعف من سيطرة العقيدة اليقينية.
ثم فقدت البروتستانتية مؤقتا الاهتمام بالتحكم الموضوعي في الصلات الاجتماعية، وتعرضت بخاصة للهجوم من الراديكاليين على اعتبار أنها «مخدر للجماهير». والآن بعد أن أخذت تحاول أن تعوض الوقت الذي فقدته في هذا الميدان، فإن سلطانها مقيد بالتغيرات التي لا يمكن النكوص فيها تاريخيا، وهي التغيرات التي أشرت إليها؛ فلقد أضحى التزام الدين تطوعا، والجحيم فرضا غامضا، والرعايا في المواقف التي يريد الدين أن يسيطر عليها، متنافرين غير منسجمين، ينخرط في سلكهم كثيرون متمردون صراحة على الدين. فولاية تنسي تضم دايتن، حيث حوكم سكوبس لنشره مبادئ التطور، كما تضم أوك ردج، حيث كان مولد عصر الذرة. وليس الأمر هينا أمام الكنيسة وهي تحاول أن تدخل مرة أخرى المبادئ الملائمة للأخلاق الاجتماعية في بناء اقتصادي ثابت مستقر، نما خلال نحو مائة وسبعين عاما على عقيدة أنه يستطيع أن يتقدم تقدما معقولا بغير هذه المبادئ.
وإني لأحب أن أتصور عالما، لا يرغب في الاعتماد على القوى غير الطبيعية التي لا تتفق والأسباب العلمية ونتائجها، ولكن العلم لم يقتل فيه إحساس الرجل العادي بتقدير الأمور التي يعالجها الدين؛ ثم أتساءل ماذا عساه فاعلا بهذه الأمور في عالم امحت فيه العقائد الدينية والكونية الموروثة؛ هل يرى أن الميراث الاجتماعي للإنسان يتضمن سندا خارجيا، لا يدرك كنهه الإنسان العادي؛ لأنه يخضع لقواعد السيكولوجيا والعلوم الاجتماعية؟ أو هل يرى أن الميراث العنصري للإنسان يتضمن شيئا في اللاوعي أقوى من قدراته الواعية، ويمكن وصفه بحق بأنه قوة كونية، تجعل كل امرئ يحمل بين جنبيه شيئا من الخلود على وجه الظن، ويحمل يقينا شيئا من حياة العنصر البشري الدائمة؟
هل يا ترى يرى أن هذه الحقيقة العلمية إن هي إلا جزء من قوى الطبيعة العالمية التي صاغ حولها الناس صورهم الذهنية عن الآلهة، وأن هذه الصور الذهنية - استنادا إلى ذلك - تمسي أقرب إلى الحقيقة من الآلية العلمية المجردة التي تتجاهل هذه الحقيقة، وأن الحقيقة العلمية تمثل قوة يعيش فيها الإنسان وتعيش في الإنسان، وتؤدي له كثيرا من الأمور التي تعبر عنها الأديان القائمة، بطريقتها الخاصة، في نصوص مكتوبة لا يحيط بها حصر؟ أعتقد أن ذلك ممكن، وأن مثل هذه المادة تحتاج إلى أن تكون جزءا من التصورات الدينية التي يمكن أن تكون حقيقية لقوم شاعت بينهم طرق التفكير العلمية. إنا إذا أكدنا هذه الصورة الذهنية، فقد لا تتضخم في أعيننا الفوارق بين مختلف المذاهب.
ومن الأمور التي ينبغي لمثل هذا العالم أن يدركها هو أننا حينما نجعل حياة الإنسان معبرة عن الجانب الاشتراكي البناء من هذا الميراث العنصري، لا يكفي أن نعظ الأفراد الذين تقوم أعمالهم اليومية على أساس فردي صارم، وإنما يجب علينا أيضا أن نراعي أن القاعدة الفردية في تغير. ولم تنسخ بعد قوانين السوق كل المدى الفردي في العمل وكل مسئولية. والهيئات المسئولة وإن تكن اجتماعية إلى حد ما إلا أن لديها إمكانيات فردية غير مستقلة، ونحن بحاجة إلى أن نجعل لهذه الإمكانيات أثرها في بناء الأعمال اليومية، وإلا فلن يفلح إحياء المحاولة لكي نجعل الأخلاق المسيحية فعالة في الأمور الدنيوية. وقد بلغنا حدا لن تعيش فيه مدينتنا إلا إذا هي قطعت شوطا كبيرا في سبيل النجاح. ⋆ (1-5) مغامرة الذكاء الخطرة
إذا كانت هذه الجولة غير المعهودة في مجالات الطبيعة البشرية وحاجات الإنسان قد أبرزت لنا حقيقة ما، فهي أن الذكاء مغامرة خطرة. إنه يتلمس الوسائل التي تؤدي إلى سد الحاجات التي لم تسمح الطبيعة البدائية بسدها، وهو يتطلب منا أمورا قد تثور عليها طبيعتها اللاواعية، وهو يبني أسسا «معقولة» للسلوك الاجتماعي ثم يشرع في هدم هذه الأسس التي بناها ويسلبها قوتها، وهو ينادي بمبادئ تبعث آمالا لا يستطيع المجتمع أن يحققها كاملة، أو أن يخفف من حدتها فيحطمها ويقضي عليها.
ناپیژندل شوی مخ