Ar-Raheeq Al-Makhtum
الرحيق المختوم
خپرندوی
دار الهلال
د ایډیشن شمېره
الأولى
د خپرونکي ځای
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
ژانرونه
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا «١»
وفيه عن البراء بن عازب قال: رأيته ﷺ ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التراب، ويقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا
قال: ثم يمد بها صوته باخرها، وفي رواية:
إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا «٢»
كان المسلمون يعملون بهذا النشاط وهم يقاسون من شدة الجوع، ما يفتت الأكباد قال أنس: (كان أهل الخندق) يؤتون بملء كفي من الشعير، فيصنع لهم بإهالة سنخة «٣» توضع بين يدي القوم، والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق ولها ريح منتن.
وقال أبو طلحة: شكونا إلى رسول الله ﷺ الجوع فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله ﷺ عن حجرين «٤» .
وبهذه المناسبة وقع في حفر الخندق آيات من أعلام النبوة، رأى جابر بن عبد الله في النبي ﷺ خمصا شديدا، فذبح بهيمة وطحنت امرأته صاعا من شعير ثم التمس من رسول الله ﷺ سرا أن يأتي في نفر من أصحابه، فقام النبي ﷺ بجميع أهل الخندق، وهم ألف فأكلوا من ذلك الطعام وشبعوا، وبقيت برمة اللحم تغط به كما هي، وبقي العجين يخبز كما هو «٥» . وجاءت أخت النعمان بن بشير بحفنة من تمر إلى الخندق ليتغدى أبوه وخاله، فمرت برسول الله ﷺ فطلب منها التمر وبدده فوق ثوب، ثم دعا أهل الخندق فجعلوا يأكلون منه. وجعل التمر يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه يسقط من أطراف الثوب «٦» .
(١) نفس المصدر.
(٢) نفس المصدر ٢/ ٥٨٩.
(٣) نفس المصدر ٢/ ٥٨٨. والإهالة: الدهن الذي يؤتدم به سواء كان زيتا أو سمنا أو شحما سنخة: أي تغير طعمها ولونها من قدمها.
(٤) رواه الترمذي مشكاة المصابيح ٢/ ٤٤٨.
(٥) روى ذلك البخاري ٢/ ٥٨٨، ٥٨٩.
(٦) ابن هشام ٢/ ٢١٨.
1 / 278