213

Ar-Raheeq Al-Makhtum

الرحيق المختوم

خپرندوی

دار الهلال

د ایډیشن شمېره

الأولى

د خپرونکي ځای

بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)

ژانرونه

وأعطى لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب، وسار بجنود الله إلى بني قينقاع، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم أشد الحصار، وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال سنة ٢ هـ، ودام الحصار خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة، وقذف الله في قلوبهم الرعب- الذي إذا أراد خذلان قوم وهزيمتهم أنزله عليهم وقذف في قلوبهم- فنزلوا على حكم رسول الله ﷺ في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا. وحينئذ قام عبد الله بن أبيّ بن سلول بدوره النفاقي، فألح على رسول الله ﷺ أن يصدر عنهم عفوا، فقال: يا محمد: أحسن في موالي- وكان بنو قينقاع حلفاء الخزرج- فأبطأ عليه رسول الله ﷺ، فكرر ابن أبي مقالته، فأعرض عنه، فأدخل يده في جيب درعه، فقال له رسول الله ﷺ: أرسلني، وغضب حتى رأوا لوجهه ظللا، ثم قال: ويحك، أرسلني» . ولكن المنافق مضى على إصراره، وقال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي، أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود، وتحصدهم في غداة واحدة؟ إني والله امرؤ أخشى الدوائر. وعامل رسول الله ﷺ هذه المنافق- الذي لم يكن مضى على إظهار إسلامه إلا نحو شهر واحد فحسب- عامله بالمراعاة، فوهبهم له، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذرعات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم. وقبض رسول الله ﷺ منهم أموالهم، فأخذ منها ثلاث قسي ودرعين وثلاثة أسياف وثلاثة رماح، وخمس غنائمهم، وكان الذي تولى جمع الغنائم محمد بن مسلمة «١» . غزوة السويق بينما كان صفوان بن أمية واليهود والمنافقون يقومون بمؤامراتهم وعملياتهم، كان أبو سفيان يفكر في عمل قليل المغارم ظاهر الأثر، يتعجل به؛ ليحفظ مكانة قومه، ويبرز ما لديهم من قوة، وكان قد نذر ألايمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا، فخرج في مائتي راكب ليبر يمينه، حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له: نيب، من المدينة على بريد أو نحوه، ولكنه لم يجرؤ على مهاجمة المدينة جهارا، فقام بعمل هو أشبه بأعمال

(١) زاد المعاد ٢/ ٧١، ٩١، ابن هشام ٢/ ٤٧، ٤٨، ٤٩.

1 / 217