Ar-Raheeq Al-Makhtum
الرحيق المختوم
خپرندوی
دار الهلال
د ایډیشن شمېره
الأولى
د خپرونکي ځای
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
ژانرونه
حراجة موقف الجيش الإسلامي
أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول الله ﷺ وهو لا يزال في الطريق بوادي ذفران- خبر العير والنفير، وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال للإجتناب عن لقاء دام، وأنه لا بد من إقدام يا بنى على الشجاعة والبسالة، والجراءة، والجسارة، فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعيما لمكانة قريش العسكرية، وامتدادا لسلطانها السياسي، وإضعافا لكلمة المسلمين وتوهينا لها، بل ربما تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسدا لا روح فيه، ويجرؤ على الشر كل من فيه حقد أو غيظ على الإسلام في هذه المنطقة.
وبعد هذا كله فهل يكون هناك أحد يضمن للمسلمين أن يمنع جيش مكة عن مواصلة سيره نحو المدينة، حتى ينقل المعركة إلى أسوارها، ويغزو المسلمين في عقر دارهم.
كلا، فلو حدث من جيش المدينة نكول ما لكان له أسوأ الأثر على هيبة المسلمين وسمعتهم.
المجلس الإستشاري
ونظرا إلى هذا التطور الخطير المفاجئ عقد رسول الله ﷺ مجلسا عسكريا استشاريا أعلى، أشار فيه إلى الوضع الراهن، وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه، وقادته.
وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس، وخافوا اللقاء الدامي، وهم الذين قال الله فيهم كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ. يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ وأما قادة الجيش، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال:
«يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه، حتى تبلغه. فقال له رسول الله ﷺ خيرا ودعا له به.
وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين، وهم أقلية في الجيش، فأحب رسول الله ﷺ أن يعرف رأي قادة الأنصار، لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن ثقل
1 / 188