149

اقزام جبابره

أقزام جبابرة

ژانرونه

فتنفس كالقنفذ وحملق، فالتفت لأرى أين أنا من الباب، ولكن ضحكة بلهاء أطلت على أثر ذاك الهيجان أمنتني، ولا سيما حين قال: أنا مجنون؟! من يدين مجانين، أنا أدين مائة ليرة ومائتين؟ أنا لا ألعب بهذه المبالغ الصغيرة. البارحة سلمت البنك العسملي عشرين مليونا، كنت أدين مبالغ صغيرة، ولكني صرفت الكتاب واسترحت من بلادتهم، نوم للظهر، طق حنك في المكاتب، شرب قهوة وتدخين. خربوا بيت الشيخ إبراهيم، الله يخرب عمرهم.

ورأى من شباكه المطل على الطريق غناما يسوق قطيعا صوب بيروت فنهض وقال: أستأذن، هذا القطيع لي جمعة منتظر، لا بد من مرافقته إلى نهر إبراهيم.

فقلت: أرافقك إذا أمرت.

فضحك وصاح: هذا كلام من يعرف قيمة البشر، تفضل، أهلا وسهلا، نشكر الله حظينا بواحد عاقل، أهل بلدنا كلهم مجانين، يضحكون علي؛ لأني أرافق غنمي إلى قرب النهر، بحياتك قل لي من يسيب رزقه؟

وبعد أن قطعنا ميلا قلت له: رعيانك أمناء، والشمس على الغياب، فما قولك في رجعتنا؟

فقال: لا بأس، عددت الغنم ثلاثمائة راس، أنا في التجارة أسلم تسليم أعمى.

وبعد أن زود الرعاة بنصائحه الثمينة وودعهم قال لي: معك سيكارة؟ قلت: نعم، لا تؤاخذني يا شيخ، ظننت أنك لا تدخن.

فقال: ظنك في محله، ولكن أحيانا يضيق صدري، أنا مهموم. - أنت مهموم! الملوك والسلاطين مديونة لك ويضيق صدرك؟ ايش خليت للفقراء والمساكين يا شيخ إبراهيم؟

فهمهم وغمغم، فقلت له: لا بد لك من حرمة، تزوج تنفرج همومك.

فقهقه، وألقى على كتفي يدا كالمهدة، فسمرني على قارعة الطريق، وقال: طفت الدنيا وما لقيت واحدة ملائمة، أنت تعرف بنات البلد، عاشرتنا أربع خمس سنين، اسمع أعد لك، وكدبني إذا قدرت. «أسمى» قامتها طويلة، طلعة مثل البدر، تلميذة الراهبات، تفهم من الإشارة، ولكن يا حينها لولا عينها، شرسة، كلامها نبر مثل رشق الحجارة.

ناپیژندل شوی مخ