وفيما هو في هذه النجوى، جاء بضعة كهول ليقفوا على رأيه، الطاعون تفشى في البلاد وظهر في القرى المجاورة فماذا يعملون؟
فصلب أبو نعوم يده على وجهه وقال: الله يرد البلية عن الضيعة، زنروا الكنيسة.
فاستغربوا كلمته، فأفهمهم كيف، فطافوا على بيوت الضيعة واحدا واحدا، وعاد أبو نعوم بعدما تغدى إلى مجلسه على الصفة عند الكنيسة.
وجاءوا بالحوائج التي يعملون منها زنارا: من هنا ملاءة، ومن هناك كوفية، ومن عند هذا ملحفة، وجمعوا كثيرا من الحرير غير المفصل والمخيط من حياكة نساء الضيعة وبناتها.
وحل أبو نعوم كمره عن وسطه ودفعه إليهم، فقالوا له: تعطينا زنارك؟! اتركه، أخذنا من بيتك.
فصاح بهم: خذوا بدني أيضا، بدني من ضيعتي ولها.
وبعد تزنير الكنيسة أمر أبو نعوم أن يحرسوا مدخل القرية، ويمنعوا الغرباء من دخولها.
ولما أمنوا شر الطاعون فكوا الزنار، فكان على من يريد استرجاع حاجته أن يدفع فكاكا، وإذا تركت تباع بالمزاد وثمنها للكنيسة.
وردوا على الشيخ كمره، فقال لهم: فكاكه فيه، نذرته دفع بلاء عن الضيعة.
كان في كمره خمس ذهبات ادخرها ليومه الأسود، ولكن الضيعة وفته حقه حين مات، فجهزوه من مال الوقف، ودفنوه في الكنيسة تقديرا لإخلاصه.
ناپیژندل شوی مخ