اقزام جبابره

مارون عبود d. 1381 AH
108

اقزام جبابره

أقزام جبابرة

ژانرونه

وفي ختامها سأل الشعب أن يصلي لأجل راحة أنفس الموتى الراقدين بالرب، وشرع يتلو قداسه.

لم يكن الإصغاء كالعادة، فتمرمر الخوري على المذبح. لم تقع عينه، وهو يبخر الشعب، إلا على رجل واحد متخشع يصلي بحرارة، تارة يسجد مقبلا الأرض، وطورا يرفع نظره إلى صورة قديس الضيعة، ويقرع صدره بانسحاق قلب. كان الخوري يتعزى إذ يرى هذا الفقير يصلي بحرارة فيقول في نفسه: أنا أعظم من ربنا؟ أما قال للوط: لا أهلك المدينة من أجل العشرة؟ غنطوس وعيلته فوق العشرة.

وهجمت عليه بغتة فكرة ثانية، فقال: غنطوس يصلي بحرارة لأن ليس عنده مرفعية، الآن فهمت كلام الإنجيل: طوبى للمساكين، إن لهم ملكوت السموات.

وشعر بتشتت أفكاره فجمعها ومضى في قداسه. وبعد أن تلا الإنجيل قام في رعيته واعظا، فقال:

يا إخوتي المباركين

جعلت الكنيسة المقدسة هذه الجمعة تذكارا للموتى، وما معنى تذكار الموتى وكيف نذكرهم؟ بالبكاء والنحيب! لا، هذا ممنوع، والدليل قول بولس الرسول: إن الذين يموتون بالرب لا ينبغي أن تحزنوا عليهم. إذن، فبم نتذكرهم يا إخوتي؟ نتذكرهم بصلواتنا، نتذكرهم بتضرعاتنا، بصدقاتنا وإحساننا إلى المحتاجين منا.

فتنهد هنا غنطوس عن غير قصد وبلا شعور، وجأر بالصلاة هاتفا: أعطنا خبزنا كفاف يومنا.

ومضى الخوري يقول:

ما وجدتكم فاهمين هكذا، ما سمعت في الجمعة الماضية إلا حديث مرفعيات: هذه الذبيحة تعمل كذا، وهاتيك تعمل أكثر من هذي، ونبيذ فلان أطيب من نبيذ فلان، وخابية فلان باردة، وخابية فلان مثل النار ... حديث لحم وخمر كأن ضيعتنا المشهورة بالتقوى والعبادة استحالت خمارة.

لا تكونوا مثل الذين قال عنهم بولس الرسول: آلهتهم بطونهم، البطن مخزن التجارب فلان تحشوه باللحم والخمر.

ناپیژندل شوی مخ