هذه السنوات المتخبطة هي التي ستذكرها طفلتانا طوال حياتهما. زوايا الأفنية التي لعبتا فيها ولم أزرها قط هي ما ستلتصق بذاكرتهما .
سألت جوديث: «ألم ترغب نيكولا في رؤيتي؟»
أجابت جوديث: «لا تريد أن ترى أحدا معظم الوقت.» تقدمت جوديث إلى الأمام ولمست ذراع دون. كنت أعرف مغزى هذه اللمسة - كانت اعتذارا، وسيلة قلقة لطمأنته. فالمرأة حينما تلمس رجلا بهذه الطريقة فهي تفعل ذلك لتذكره بامتنانها له، وبإدراكها أنه يقوم لأجلها بشيء ممل بالنسبة له أو يهدد كرامته بعض الشيء. أشعرتني طريقة لمس ابنتي لرجل - بل صبي - بهذه الطريقة بالهرم أكثر مما لو كان عندي أحفاد. شعرت بتوترها المشوب بالحزن، وكنت قادرة على توقع لفتاتها الملطفة. طفلتي الشقراء الصريحة قصيرة القامة ممتلئة القوام. لم ينبغي أن أظن أن مشاعرها لن تتحرك لأحد، وأنها ستظل دائما صريحة وخرقاء ومستقلة؟ بالضبط كما أزعم أن نيكولا ماكرة ومنعزلة وباردة ومغرية. لا بد أن كثيرا من الناس يعرفون أشياء تناقض مزاعمي.
في الصباح، غادر دون وجوديث إلى المكسيك. وقررت أني أريد رؤية شخص خارج نطاق أقاربي، شخص لم يكن يتوقع مني أي شيء تحديدا. اتصلت بعشيق سابق لي، لكنني تلقيت رسالة على المجيب الآلي: «توم شيبارد يتحدث. سأكون خارج المدينة خلال شهر سبتمبر. برجاء تسجيل رسالتك واسمك ورقم هاتفك.»
بدا صوت توم مبهجا ومألوفا جدا لدرجة أنني كدت أفتح فمي لأسأله عن مغزى رسالته الحمقاء هذه، لكنني وضعت سماعة الهاتف. شعرت وكأنه فعل ذلك عن عمد ليخيب ظني، وكأننا خططنا للقاء في مكان عام، فلم يحضر. أذكر أنه فعلها ذات مرة.
أعددت لنفسي كأسا من الفيرموت، مع أن الوقت لم يتجاوز الظهيرة بعد، واتصلت بأبي.
قال: «حسنا، أهم شيء أنك لو تأخرت 15 دقيقة أخرى عن الاتصال، لما لحقت بي.» «هل كنت ستذهب إلى وسط البلد؟» «وسط تورونتو.»
قال إنه ذاهب إلى المستشفى؛ فقد أراد طبيبه في داجليش أن يفحصه الأطباء في تورونتو، وأعطاه خطابا لعرضه عليهم في غرفة الطوارئ.
سألته: «غرفة الطوارئ؟» «الأمر ليس طارئا. يبدو أنه يعتقد أن هذه هي الطريقة المثلى للتعامل مع الأمر. يعرف اسم زميل له هناك. ولو كان سيحدد لي موعدا ، لاستغرق الأمر أسابيع طويلة.»
سألته: «هل طبيبك على علم بأنك ستقود سيارتك حتى تورونتو؟» «حسنا، لم يقل إنني لا أستطيع.»
ناپیژندل شوی مخ